بقلم: عبد الله لعماري / رئيس المجلس الوطني لحزب النهضة والفضيلة ماهو الباعث على روايتنا لتاريخ الحركة الإسلامية بالمغرب، أو بالأحرى تصحيح ما يروى؟ الحركة الإسلامیة بالمغرب، حالة شعبیة، وظاھرةتاریخیة، وعنصر ھام ومؤثر في الوقائع السیاسیةوالاجتماعیةوالثقافية في تاریخ المغرب الحديث، أو بالتحدید في مغرب ما بعد الاستقلال. ومن ثم فھي من الناحیةالمعرفیة، حقل معرفي ملك للمجتمع، وحق للجمیع في الولوج إلیه، والإحاطةعلما بتطوراتهاوأحوالھا، والمعطیاتالظاھرةمنھا، والخفایا الباطنة فیھا. والحركة الإسلامیة بالمغرب، وعلى خلاف باقي الحركات الإسلامیة بالأقطار العربیةوالإسلامیة،تمیزت بكون المساحة الباطنة فیھا، والخفي من وقائعھا منذ التأسیس، أوسع وأكبر من المعروفوالمشھور والمعلن في جمیعمراحلھا. وكواحد من جیلالتأسیس، وممن تدرج في الصفوف، وممن قاده ھذا التدرج إلى المساھمة الفاعلة منأعلى موقع في التنظیم الحركي الإسلامي، وھوتنظیمالشبیبةالإسلامیة، أي من موقع القیادة والإشرافواتخاذ القرار، أتطوع لعرض ما قد یمیط اللثام عن إحدى الفترات المفصلیة في تاریخ الحركة الإسلامیةبالمغرب. وھي بالرغم من كونھا كانت فترة مفصلیة وحاسمة، ومؤثرة في صناعة تطور جدید في مسار الحركةالإسلامیة بالمغرب، بالرغم من ذلك ظـلت فترة خفیةومجھولةوعصیة على الفھموالاستیعاب. واستغل بعضھمھذا الوضع المجھول والكامن وراء الستار، فخلع على نفسه صفة الرجل المحوريوالمركزي والزعیم الأول الذي لم یكن قبله ولا بعده أحد، وتكاد ھذه المغالطة تطغى على الحقیقة، ویكادذلك الادعاء یرسخ في القراءات السطحیة والمحدودة لبعض متتبعي وقائع الحركة الإسلامیة. أبرز ھؤلاءالمدعینھو عبد الإله بن كیران، الذي شغل الناس، وفي كل المناسبات، یزعم لنفسه أنه ھومن حول مجرى الحركة الإسلامیة بالمغرب وقادھا من مسار الى مسار جدید، في حین أنه وفي زمنھذا التحول، لم یكن معروفا حینھا في تنظیمالشبیبةالإسلامیة ولا مؤثرا فیه، إلا بالقدر البسیط الذي كانلا یتجاوز الموقع الذي یقطنهوھو الرباط. وأعني بھذه الفترة المعتمة، المرحلة التي شكلت جسرا للعبور بینمسارین، بیننھایة مسار، وانطلاقمسار جدید، بیننھایة حركة الشبیبةالإسلامیة سنة 1981،وبدایة تحول جدید، بتداعیاتمتتالیة أفضتإلى بروز حزب سیاسي بلافتة إسلامیةھو حزب العدالة والتنمیة. ومن بین الخلاصات التي انتھیتإلیھا، في سیاق التجربة الطویلة التي اكتنفتني وامتدت لأكثر من 45سنة، عشت في صلبھاصبیا ثم فتى ثم شابا فكھلا، عشت فیھا متدرجا في الصفوف، أتلقى وأتربىوأسترشد بمن سبقني، ثم عشت فیھا فاعلا مسؤولا، أسھم في القیادة وفي اتخاذ القرار، وعشت فیھا متحملا ضرائب الانتظام في الحركة الاسلامیة، بالملاحقات الأمنیة، ثم الاختطاف والإخفاء القسري فيالاعتقال السري، ثم الزج بي في المحاكمات والسجون. فكانت عصارة ھذه التجربة الطویلة التي اھتدیتإلى خلاصاتھا:
- إن الحركة الإسلامیة المعاصرة، وإن كانت قد أغنت المشھد الثقافي والأخلاقي والاجتماعيوالسیاسي، فإنھالیستالوحیدة في التأثیردینیا على المجتمع، فمن قبلھاوبجوارھا، انتصبت الحركةالوطنیةوأحزابھاومخلفاتھا فاعلا مھما، ثم إن حركة العلماء التقلیدیین، لیست بمنأى عن التأثیر فيالبلاد، ثم إن الحركة الصوفیة بمختلف زوایاھاوطرائقھا كانت دائما حاضرة في التوجیهالدیني فيأوساط الشعب، إن في قاعدة المجتمع أو على مستوى نخبته، ثم فوق ذلك كله، وبھیمنته ونفوذه على كل المكونات في الحقل الدیني، واحتواءه لھا، كان ولا یزالالنظام السیاسي في البلاد بقیادة مؤسسته العلیا، مؤسسة إمارة المؤمنین، الفاعل الأساسي والاستراتیجيفي صون وتعمیق أسلمة المجتمع والدولة، وكان ذلك شاملا كسیاسةمركزیة للحكم وفي العھود الثلاثة للملوك الثلاثة المغفور لھما محمد الخامس، والحسن الثاني، ثم الملك محمد السادس.
- إن الحركة الإسلامیة المعاصرة وبكل فصائلھا، لیست بدعا متمیزا من التجمعات الإیدیولوجیةالأخرى، من حیث تمثل المبادئ والقیم والأخلاق، وأن الطھرانیةوالنزاھةلیستا حكرا على الحركةالإسلامیةوحدھا، وأن ادعاء الطھرانیة المتعاظمة وھم زائف، وأن الضعف البشري والانحطاط منجھة، والزكاة الروحیة، والصفاء الأخلاقي من جھة أخرى، ھي أحوال مشتركة بین الناس، لا فضللأحــد على الآخر، حتى وإن انتسب إلى الحركة الإسلامیة المعاصرة وسار في درب التدین.
- وإن أكثر من أفسد الحركة الإسلامیة المعاصرة بالمغرب، ھم بعض من فرض نفسهعلیھا، وتسلل إلىعلیاءسدتھا، في ظروف حملتهبین جمع الدعاة الى موقع الذروة والصدارة، فانتفخ خالعا على نفسه صفات القیادة والزعامة والتأثیر والإرشاد، في غفلة من یقظة الدعاة، وفي سذاجة من أمرھمأسقطتھمفریسة الانخداع، وھؤلاء الشرذمة من الزعامات الدینیة لم یكنیختلفشأنھم عن باقي الزعامات الدینیة في تاریخالتجمعات البشریة الأخرى، منذ تطور الخلیقة في الأرض، من حیثكونھم مردوا على النفاق وعبادةالذات،والانتھازیة، واستغلال الأتباع، وتضلیلھم أو توریطھم والزج بھم في المحــارق التدمیریةلكــیانھم، خدمة لمصالحھمالدنیویةووجاھاتھمومقاماتھم لدى الحكام وأھل النفوذ.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك