بقلم:نعيمة لحروري
يبدو أن دعم الأغنام تحوّل إلى غنيمة جماعية يتقاسمها “الرعاة الجدد”.. لا يحملون عصيّا.. ولا تطأ أقدامهم الزرائب، بل يمسكون الأقلام ويخطّون أرقام الدعم كما يكتب الشعراء قصائدهم: بخيالٍ منفصل عن الأرض.. وعن القطيع..
سؤال برلماني قد لا يغير شيئا في الواقع، لكنه في حد ذاته صفعة مؤجلة لمن نبهناهم مرارا، وكتبنا عنهم لسنوات، قبل أن يتحولوا إلى أنبياء اللحظة وهم يتساءلون: "أين ذهبت الأغنام؟" ونجيب: الأغنام يا سادة ذهبت مع الريح، والدعم ذهب إلى الجيوب.. أما نحن فبقينا نكتب ونتأوه ونضحك مرارة..
رشيد الحموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بالبرلمان، قرر أخيرا أن يفتح باب السؤال: كم استفادت الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز من المال العام؟ ومن الذي يستفيد منها، وكيف؟ والأهم: كيف تبتلع جمعية واحدة كل هذه المليارات، ثم تفاجئنا وهي تصرخ مع البقية: “الجفاف! تغيّر المناخ! أين الدولة؟” وكأنها لم تكن على طاولة الأكل.. بل على رأسها!!
أجل.. جمعية تتحدث عن ملايين الرؤوس، ثم نجد أنفسنا في سنة 2025 نلغي شعيرة ذبح أضحية عيد الأضحى، ليس لأن الدين تغيّر، بل لأن الأكاذيب لم تعد تقف على أربع..
عندما تصبح أرقام الجمعية أكثر ضخامة من القطيع نفسه، نكون أمام “رعاية رقمية” لا علاقة لها بالتراب ولا بالماشية، بل هي أقرب لـ"البورصة الفلاحية"..
تخيلوا فقط:
ملايين ضُخت في جمعية تحت عنوان “تحسين النسل”.. والنتيجة: لحم مستورد، وسلالات ضائعة، ومواطنون يبحثون عن خروف بسعر إنساني، فلا يجدون إلا “التبريرات” التي تغلف الفشل..
الغريب أن الدعم الذي أثار كل هذا الغضب الشعبي بخصوص استيراد الأغنام – 437 مليون درهم – يبدو وكأنه "سندويتش بسيط" مقارنة بما ابتلعته الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز منذ سنوات تحت مظلة الشراكات مع وزارة الفلاحة.. لكننا لا نملك الأرقام.. فقط نملك سؤالا برلمانيا أخيرا تجرأ على طرق الباب، فهل من مجيب؟
هل تعلمون ما هو المؤلم حقا؟
أن هذه الجمعية، حسب ما جاء في سؤال حموني، ليست مجرد “هيئة”، بل مؤسسة تدبر الترقيم، الأسواق، التأطير، الدعم، وتحسين السلالات. بكلمات أبسط: تمسك الملف من القرن حتى الذيل!!
ورغم ذلك.. كأنها لا ترى في المرآة سوى صورة فلاح بسيط يحتاج لمزيد من الدعم، بينما هي شريكة في كل خطوة من خطوات انهيار هذا القطاع.
ولأننا نحترم ذكاء المواطن.. وجب أن نقولها بصوت عال: الدعم الذي لم يُخفّض ثمن اللحم.. ولم يُحافظ على القطيع.. ولم يحم الشعيرة.. لا يمكن أن يكون قد ذهب إلى “الماشية”.. بل ذهب إلى من ربّى الأرقام وذبح الثقة.
كتبت عن هذا الأمر كثيرا.. واليوم فقط أشعر أن الكلمات بدأت تُسمع . فليكن هذا المقال لا مجرد تعليق على سؤال الحموني، بل تذكير بأن الصمت كان شريكا في الجريمة.. جريمة “التسمين الوهمي”..
وتوزيع الدعم بعقلية “السلالة المختارة”..
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك