أنتلجنسيا المغرب:أبو فراس
في تطور يعيد إلى الواجهة مخاوف المغاربة بشأن هشاشة البنية الرقمية للمؤسسات العمومية، فجّر عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، قنبلة سياسية تحت قبة البرلمان، متسائلًا عن تبعات الاختراق السيبراني الخطير الذي طال الموقع الرسمي لوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، والذي يشرف عليه الوزير يونس السكوري.
بووانو، الذي وجه سؤالًا شفويًا آنيًا إلى الوزير المعني، شدد على أن الأمر لا يتعلق فقط باختراق عابر أو تشويه إلكتروني مؤقت، بل بفعل إجرامي خطير يضرب في عمق الأمن السيبراني الوطني، ويمس آلاف المواطنين الذين ترتبط معلوماتهم الحساسة ببوابة الوزارة. واستفسر البرلماني عن الإجراءات الوقائية والاستراتيجية التي تعتزم الحكومة اتخاذها لحماية منظومة المعطيات الشخصية والمهنية، سواء للمواطنين أو المقاولات، ولتحصين المؤسسات العمومية من أي اختراقات مماثلة في المستقبل.
وحذر بووانو من أن هذا النوع من الهجمات السيبرانية قد تكون له تبعات خطيرة على الأمن الوطني الرقمي، وعلى ثقة المواطنين في المؤسسات العمومية، خاصة مع تصاعد وتيرة رقمنة الخدمات. وتساءل بنبرة ملؤها القلق: "هل المغرب اليوم مستعد حقًا لمواجهة حروب السايبر؟ وهل هناك سياسة وطنية شاملة لتحصين القطاعات الوزارية من أي تهديدات رقمية؟".
الهجوم الإلكتروني الأخير، الذي تبنّاه قراصنة يُعتقد أنهم ينتمون لمجموعة جزائرية، استهدف قاعدة بيانات وزارة التشغيل، وتمكّن المخترقون من الوصول إلى معطيات حساسة لمواطنين ومستفيدين من برامج الدعم الحكومي، مما أثار موجة استنكار عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، ودفع العديد من الحقوقيين والفاعلين الرقميين إلى دق ناقوس الخطر.
وتزامن هذا الحادث مع استمرار مسلسل رقمنة الإدارة المغربية، الذي تراهن عليه الحكومة لتقريب الخدمات من المواطنين وتحسين جودة الأداء، لكن في ظل غياب تحصين رقمي قوي، تصبح هذه المشاريع مهددة بالانهيار أمام هجمات إلكترونية متزايدة، خاصة في ظل السياق الجيوسياسي المتوتر في المنطقة المغاربية.
في الأثناء، يطالب فاعلون سياسيون وحقوقيون بتسريع إخراج الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، مع إنشاء جهاز وطني مستقل لحماية الأمن الرقمي، يشرف على مراقبة وتدقيق منظومات الوزارات والمؤسسات العمومية، وتكوين أطر قادرة على التصدي لمثل هذه التهديدات المتقدمة.
ويُنتظر أن يُحرج سؤال بووانو الوزير السكوري خلال الجلسة البرلمانية المقبلة، حيث يطالب كثيرون بإجابات واضحة حول ملابسات الاختراق، وتحديد المسؤوليات، وتقديم توضيحات للرأي العام حول ما إذا كانت معطياتهم الآن بين يدي جهات أجنبية.
في بلد يشق طريقه نحو الرقمنة بثقة، لكن بإمكانات أمنية غير متكافئة، يبدو أن الحرب لم تعد مجرد مواجهة تقليدية، بل صارت حرب "معلومة مقابل السيادة".
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك