أنتلجنسيا المغرب:أبو جاسر
يستعد مجلس النواب المغربي، في خضم ظرفية سياسية واقتصادية دقيقة، لافتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024 – 2025، وذلك خلال جلسة عمومية مرتقبة صباح الجمعة المقبل 11 أبريل الجاري، وفقًا لما أعلنه بلاغ رسمي صادر عن المجلس.
الجلسة، التي ستنطلق في تمام الساعة الحادية عشرة صباحًا، تأتي تنفيذًا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور المغربي، والذي ينص على عقد البرلمان لدورتين في السنة، واحدة في أكتوبر، والثانية في أبريل، ما يشكّل محطة مؤسساتية لتجديد النقاش السياسي وتقييم الأداء الحكومي ومواصلة التشريع والمراقبة في ظل تحولات كبيرة يعرفها المغرب داخليًا وخارجيًا.
وتحمل هذه الدورة في طياتها رهانات كبرى، سواء على المستوى التشريعي أو الرقابي، بالنظر إلى الملفات الثقيلة التي تنتظر مكونات المجلس، وعلى رأسها قوانين مرتبطة بإصلاح التعليم، المنظومة الصحية، وتحديث الإدارة العمومية، إلى جانب مشاريع القوانين التنظيمية ذات الصلة بتأطير الحياة السياسية وتوسيع الهوامش الديمقراطية.
كما يُنتظر أن يطغى النقاش المرتبط بالسياسات الاجتماعية على جلسات الدورة، في ظل استمرار تداعيات التضخم وغلاء المعيشة، واحتقان بعض القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والنقل.
من جهة أخرى، يتوقع أن تشهد الدورة الجديدة حضورًا قويًا لمطالب المعارضة، التي سبق أن أعلنت عن مبادرات جديدة للمراقبة البرلمانية، خصوصًا في ظل بروز ملفات مرتبطة بالحكامة، توزيع الدعم العمومي، والتوظيفات في القطاع العام. كما أن قضايا الأمن السيبراني، الحماية الاجتماعية، وتوسيع الوعاء الجبائي، من المرتقب أن تأخذ حيزًا مهمًا من النقاشات البرلمانية، خاصة بعد الهجمات الرقمية الأخيرة التي استهدفت مؤسسات عمومية.
في المقابل، تستعد فرق الأغلبية لتقديم دفعة جديدة لمشاريع القوانين الحكومية التي ظلت حبيسة الرفوف خلال الدورة السابقة، خاصة المرتبطة بالاستثمار، التكوين المهني، وإصلاح المنظومة الجبائية، في سياق تسويق الحكومة لمشروعها التنموي وتجسيد التوجيهات الملكية المتعلقة بتحديث الدولة وخلق فرص الشغل للشباب.
وتعد هذه الدورة أيضًا محطة مفصلية على مستوى تقييم تنفيذ قانون المالية لسنة 2025 في شطره الأول، حيث يرتقب أن تركز المعارضة على مدى نجاعة الاختيارات الحكومية في التصدي للضغوط الاقتصادية العالمية، ومواكبة الفئات الهشة، بينما ستسعى الحكومة إلى تقديم معطيات تؤكد احترامها للبرمجة الميزانياتية وتحقيقها لأهداف النمو والاستثمار.
وفي الوقت الذي يواصل فيه المواطن المغربي ترقبه لإجراءات ملموسة تنعكس على معيشه اليومي، من المنتظر أن تُعيد هذه الدورة الدينامية إلى الحياة السياسية الوطنية، وتُفعّل أدوات الرقابة الدستورية على العمل التنفيذي، بما يساهم في تعزيز رصيد الثقة بين المؤسسات والمجتمع.
وفي ظل تحديات المرحلة، يبرز سؤال أساسي: هل ستكون الدورة الثانية من السنة التشريعية فرصة حقيقية لتدارك التأخر في عدد من الأوراش الإصلاحية، أم ستبقى رهينة حسابات سياسية ضيقة تؤجل الإجابة عن انتظارات المواطنين؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك