حكومة أخنوش أداة لتنفيذ النيوليبرالية المتوحشة والدولة الاجتماعية شعار للاستهلاك الإعلامي حسب فيدرالية اليسار

حكومة أخنوش أداة لتنفيذ النيوليبرالية المتوحشة والدولة الاجتماعية شعار للاستهلاك الإعلامي حسب فيدرالية اليسار
سياسة / الأربعاء 19 فبراير 2025 - 14:20 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:هيأة التحرير

في سياقٍ دوليٍّ متوترٍ وتحولاتٍ إقليميةٍ حاسمة، عقد المجلس الوطني لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي دورته الخامسة تحت شعارٍ يحمل دلالاتٍ عميقة: "مواجهة الفساد والدفاع عن الحقوق والحريات".

اجتماع الحزب، الذي جاء في مرحلة تتسم بتفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لم يكن مجرد محطةٍ تنظيميةٍ، بل تحول إلى منصةٍ لطرح أسئلةٍ كبرى حول مستقبل المغرب في ظل حكومةٍ يتهمها الحزب بأنها تمثل الرأسمال الريعي الاحتكاري وتنفذ سياساتٍ تساهم في تفقير المجتمع وتعميق الفوارق الطبقية.

التقرير العام، الذي قدمه الأمين العام للحزب، رسم صورةً قاتمةً للسياقين الدولي والوطني. فعلى المستوى الدولي، يتواصل احتدام الصراع الجيو-استراتيجي مع صعود قوى جديدةٍ تنافس الهيمنة الأمريكية، مما يزيد من حالة التقاطب والتوترات العسكرية والاقتصادية التي تهدد السلم العالمي. أما إقليمياً، فقد كان التركيز منصباً على صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة آلة القمع الصهيونية، ورفض الحزب القاطع لكل أشكال التطبيع، مطالباً بتوسيع الجبهة العربية المناهضة للمخططات الإمبريالية.

وطنياً، فقد قدم الحزب تقييماً شديد اللهجة للحكومة الحالية، معتبراً أنها مجرد أداةٍ لتنفيذ سياسات النيوليبرالية المتوحشة، من خلال نهجها القائم على تفكيك الحماية الاجتماعية وخوصصة الخدمات الأساسية، مما أدى إلى حالة من الانحباس السياسي والاحتقان الاجتماعي غير المسبوقين.

ويذهب المجلس الوطني إلى أبعد من ذلك، حين يعتبر أن "الدولة الاجتماعية" التي تروج لها الحكومة ما هي إلا شعارٌ للاستهلاك الإعلامي، في وقتٍ يتم فيه تضييق الخناق على الطبقات الشعبية لصالح اللوبيات الاقتصادية النافذة.

وفي خطوة تعكس وعياً متقدماً بأهمية الدينامية الإقليمية، نبه المجلس الوطني إلى خطورة المسار الذي تتجه إليه المنطقة المغاربية، محذراً من استمرار التوترات والصراعات التي تعرقل إمكانية بناء مشروع وحدةٍ مغاربيةٍ كفيلةٍ بمواجهة التحديات الدولية المتسارعة.

كما شدد الحزب على ضرورة فتح حوارٍ وطنيٍّ شاملٍ يقود إلى إصلاحاتٍ دستوريةٍ وسياسيةٍ واقتصاديةٍ جذرية، من أجل بناء دولةٍ ديمقراطيةٍ قادرةٍ على تحقيق العدالة الاجتماعية.

أما على مستوى القوانين والتشريعات، فقد صوّب الحزب سهامه نحو السياسات الحكومية التي وصفها بالتراجعية، ورفض مضامين القوانين التي مررتها أو تسعى إلى تمريرها، لا سيما في ما يخص قانون الحق في الإضراب، وإصلاح قانون التقاعد، وإدماج CNOPS وCNSS، وتعديل مدونة الشغل.

ويرى المجلس الوطني أن هذه القوانين لا تخدم سوى المصالح الاقتصادية الكبرى، في وقتٍ تتزايد فيه معاناة الطبقات العاملة جراء تدهور القدرة الشرائية.

الجانب الاجتماعي كان حاضراً بقوةٍ في نقاشات المجلس الوطني، حيث أكد دعمه لنضالات الشباب المغربي، ودعا إلى إنجاح الاحتجاجات المقررة بمناسبة الذكرى 14 لحركة 20 فبراير، إلى جانب دعم المسيرة الوطنية التي دعت إليها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالدار البيضاء، احتجاجاً على التدهور المعيشي وإجهاز الحكومة على الحقوق والمكتسبات.

وفي خطوةٍ لافتة، شدد المجلس الوطني للحزب على ضرورة الإسراع بإخراج مدونة الأسرة الحداثية، التي تأخذ في الاعتبار حقوق المرأة وحماية الطفولة، في سياقٍ يزداد فيه الجدل حول الإصلاحات التشريعية المتعلقة بالأسرة.

لم يكن لقاء المجلس الوطني لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي مجرد اجتماعٍ عادي، بل كان بمثابة محطةٍ لتوجيه رسائل سياسيةٍ حادة، سواء للحكومة التي يراها الحزب جزءاً من المشكلة وليست جزءاً من الحل، أو للقوى الديمقراطية المطالبة برص الصفوف من أجل بناء بديلٍ حقيقي.

وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، يطرح سؤالٌ جوهريٌّ نفسه: هل بات العد التنازلي لحكومة الرأسمال الريعي قد بدأ بالفعل؟ الأيام القادمة وحدها كفيلةٌ بالإجابة عن هذا السؤال الحارق.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك