أنتلجنسيا المغرب:أكادير
أثار رفع العلم الإسرائيلي، خلال فعاليات المعرض الدولي للصيد البحري "أليوتيس" بمدينة أكادير موجة غضب واسعة في الأوساط المغربية، حيث اعتبر العديد من الفاعلين الحقوقيين والسياسيين أن هذه الخطوة تمثل استفزازًا صارخًا لمشاعر الشعب المغربي الرافض لأي شكل من أشكال التطبيع، خاصة في ظل الجرائم المتصاعدة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة الذي يشهد واحدة من أكثر الحملات العسكرية دموية في تاريخه.
المرصد المغربي لمناهضة التطبيع كان من بين أبرز الجهات التي سارعت إلى إدانة الواقعة، معتبراً أن رفع العلم الإسرائيلي في حدث يُقام على أرض مغربية يشكل مشهدًا مشينًا يتعارض بشكل صارخ مع الموقف الشعبي المغربي المعلن في الشوارع والمسيرات والفعاليات الداعمة للقضية الفلسطينية. في بيان صادر عنه يوم الأحد 9 فبراير 2025، أكد المرصد أن هذه الخطوة تمثل انحرافًا عن القيم التي يدافع عنها المغاربة والمرتبطة بالتضامن المطلق مع الفلسطينيين ورفض الاحتلال الذي يمارس أبشع الانتهاكات بحق المدنيين العزل.
وأعرب العديد من النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي عن استيائهم العميق من هذا الحدث، حيث اعتبروا أن السماح بمشاركة وفد إسرائيلي ورفع رموزه في معرض يقام داخل التراب الوطني، هو بمثابة خيانة لدماء الشهداء الذين يسقطون يوميًا في غزة. ونددوا بالصمت الرسمي تجاه هذه الواقعة التي رأوا فيها استهتارًا بالإرادة الشعبية المغربية التي ظلت عبر العقود ترفض بشكل قاطع أي علاقة مع الكيان الإسرائيلي.
الحدث يأتي في وقت يشهد فيه العالم تصاعدًا غير مسبوق في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال، حيث تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في قصف الأحياء السكنية والمستشفيات في غزة، مخلفة آلاف الشهداء والجرحى، وهو ما جعل استضافة وفد إسرائيلي على أرض المغرب أمراً مرفوضًا بشدة من قبل قطاع واسع من المجتمع المغربي. فقد خرجت خلال الأشهر الماضية عدة مسيرات حاشدة في مختلف المدن المغربية، عبّرت خلالها الجماهير عن دعمها غير المشروط لفلسطين، وطالبت الحكومة بمراجعة سياساتها بشأن العلاقة مع الاحتلال.
ورغم أن المغرب وقّع اتفاقيات تعاون مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، فإن الموقف الشعبي ظل ثابتًا في رفضه للتطبيع، حيث يرى العديد من المراقبين أن هذه الاتفاقيات لا تعكس الإرادة الحقيقية للمغاربة، الذين يعتبرون القضية الفلسطينية قضية وطنية وإنسانية لا تقبل المساومة. ومن هذا المنطلق، فإن رفع العلم الإسرائيلي في معرض "أليوتيس" يعكس تناقضًا كبيرًا بين الموقف الرسمي والخطاب الشعبي، مما يثير تساؤلات حول مدى احترام الحكومة لمشاعر المواطنين ومواقفهم الثابتة من القضية الفلسطينية.
في هذا السياق، يعيد حدث أكادير النقاش حول مدى التزام الدولة المغربية بالحفاظ على التوازن بين علاقاتها الدولية واحترام الإرادة الشعبية التي تعتبر دعم فلسطين خطًا أحمر لا يجب تجاوزه.
ويرى مراقبون أن استمرار مثل هذه الأحداث التطبيعية قد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان داخل الشارع المغربي، خاصة في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون نتيجة التصعيد العسكري الإسرائيلي. فبينما تغرق غزة في الدمار والدماء، يبدو أن بعض الجهات في المغرب تصرّ على المضي في علاقاتها مع إسرائيل دون أي اعتبار للجرائم المرتكبة يوميًا ضد الشعب الفلسطيني.
يبقى السؤال المطروح في ظل هذا الجدل الكبير: هل ستتخذ السلطات المغربية موقفًا واضحًا من هذه الحادثة لامتصاص الغضب الشعبي المتزايد، أم أن مثل هذه الوقائع ستتكرر لتعمّق الهوة بين الموقف الرسمي والإرادة الشعبية؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك