أنتلجنسيا المغرب:ي.اروين
في خضم التوترات الاجتماعية والاحتقان المتزايد داخل الأوساط النقابية، خرج عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، المحسوب على المعارضة البرلمانية، بتصريحات نارية محذرًا الحكومة من الاعتماد على أغلبيتها العددية في تمرير سياساتها دون مراعاة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية.
وأكد بووانو أن الإضراب العام، الذي دعت إليه عدة مركزيات نقابية احتجاجًا على سياسات الحكومة، ليس مجرد تحرك معزول بل مؤشر خطير على أزمة ثقة متفاقمة بين المواطنين والسلطة التنفيذية.
تحذير من مخاطر التجاهل الحكومي لمطالب الشارع
بووانو شدد على أن الحكومة بقيادة عزيز أخنوش تعتمد على "التغول العددي" في البرلمان لتمرير مشاريعها، في إشارة إلى استغلال الأغلبية البرلمانية لضرب التوازن السياسي وتجاهل النقاش الحقيقي حول القضايا التي تهم المواطنين. وأوضح أن هذه المقاربة لا يمكن أن تحل المشاكل العميقة التي تعيشها البلاد، بل قد تؤدي إلى مزيد من الاحتقان الاجتماعي.
وأشار إلى أن الحكومة تواجه تحديات اقتصادية صعبة، بما في ذلك ارتفاع الأسعار وتفاقم البطالة وغياب إصلاحات جذرية، وهو ما يفسر الغضب الشعبي المتزايد الذي يعبر عنه عبر الاحتجاجات والإضرابات المتكررة. واعتبر أن "الإضراب العام ليس مجرد رسالة احتجاجية، بل هو إنذار حقيقي يجب أن يؤخذ على محمل الجد، لأن تجاهله قد يؤدي إلى تصعيد غير محسوب العواقب".
الإضراب العام: رسالة قوية للحكومة
الإضراب العام الذي دعت إليه أكبر النقابات في المغرب يمثل اختبارًا حقيقيًا للحكومة وقدرتها على التعامل مع المطالب الاجتماعية المتزايدة. فبعد إعلان الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب عن خوض إضراب وطني يومي 5 و6 فبراير 2025، أصبح واضحًا أن هناك تنسيقًا غير مسبوق بين القوى النقابية لمواجهة ما يعتبرونه "تجاهلًا حكوميًا لمطالب الشغيلة".
بووانو اعتبر أن الحكومة فشلت في تدبير ملف الحوارات الاجتماعية بشكل فعال، حيث اقتصرت على لقاءات شكلية لم تسفر عن أي نتائج ملموسة، ما جعل النقابات تلجأ إلى التصعيد. وأوضح أن الحل لا يكمن في مواجهة الإضرابات بالقمع أو التجاهل، بل في تقديم حلول واقعية تستجيب لمطالب الفئات المتضررة.
تداعيات محتملة على استقرار البلاد
بحسب بووانو، فإن استمرار الحكومة في نهجها الحالي قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على استقرار البلاد، خصوصًا إذا توسعت رقعة الاحتجاجات وأصبحت ذات طابع أوسع يشمل مختلف الفئات الاجتماعية. وأكد أن المغرب يمر بمرحلة حساسة تحتاج إلى حكمة في التعاطي مع المطالب الاجتماعية بدلًا من التعنت والرهان على مرور الوقت.
كما حذر من أن الغضب الشعبي قد لا يقتصر على النقابات، بل يمكن أن يمتد إلى فئات أخرى مثل التجار وأصحاب المهن الحرة والطلبة، مما قد يؤدي إلى موجة احتجاجات أوسع نطاقًا، وهو السيناريو الذي يجب على الحكومة أن تتفاداه من خلال إجراءات ملموسة تعيد الثقة بين المواطنين والدولة.
هل تعيد الحكومة النظر في سياساتها؟
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال المطروح: هل ستراجع حكومة أخنوش سياساتها الاجتماعية وتفتح حوارًا جديًا مع النقابات، أم أنها ستستمر في نهجها الحالي معولة على عامل الوقت؟ بووانو أكد أن الحل الوحيد لتفادي التصعيد هو تقديم تنازلات جدية والاعتراف بوجود مشاكل حقيقية تتطلب حلولًا فورية بدلًا من الاكتفاء بالخطابات الرسمية التي لا تجد صدى لدى الشارع المغربي.
الإضراب العام المرتقب يوم الأربعاء 05 فبراير الجاري، سيكون بمثابة اختبار حقيقي للحكومة، وسيكشف ما إذا كانت قادرة على إدارة الأزمة بفعالية أم أنها ستواصل تجاهل الإنذارات القادمة من الشارع، وهو ما قد يجعلها تواجه تحديات أكبر خلال الفترة المقبلة، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك