بين الوعود الاجتماعية والواقع المرهق..حكومة أخنوش تُثقل كاهل المتقاعدين بإعفاء ضريبي هزيل

بين الوعود الاجتماعية والواقع المرهق..حكومة أخنوش تُثقل كاهل المتقاعدين بإعفاء ضريبي هزيل
سياسة / الثلاثاء 21 يناير 2025 18:00:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير

في سياق تتزايد فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الفئات الهشة بالمغرب، وعلى رأسها المتقاعدون، أثار الإعفاء الضريبي الذي تقدمه حكومة عزيز أخنوش للمتقاعدين استياءً واسعًا. إذ كشفت تقارير أن قيمة هذا الإعفاء لا تتجاوز 50,85 درهم شهريًا في المتوسط، ما يعكس تناقضًا صارخًا مع الخطاب الرسمي الذي يروج لكون هذه الحكومة "اجتماعية" تسعى إلى تحسين أوضاع المواطنين.

الإعفاء الضريبي الهزيل:تفصيل صادم

وفقًا للمعطيات المتوفرة، فإن الإعفاء الضريبي الممنوح للمتقاعدين لا يكاد يغطي جزءًا بسيطًا من الزيادات المتتالية في تكاليف المعيشة. في ظل موجة الغلاء التي شهدتها البلاد، يجد المتقاعد نفسه أمام واقع مرير؛ معاشات محدودة تواجه ارتفاعًا حادًا في أسعار المواد الأساسية والخدمات.

الإعفاء الضريبي الذي قدمته الحكومة، والذي لا يتجاوز قيمة رمزية شهرية، يعكس افتقارها إلى رؤية شاملة ومتكاملة لمعالجة أوضاع هذه الفئة التي تعاني في صمت. فالحديث عن "إصلاح ضريبي" في هذا الإطار يبدو وكأنه مجرد شعار سياسي بعيد عن أي التزام حقيقي بتحقيق العدالة الاجتماعية.

الحكومة الاجتماعية:ادعاء أم حقيقة؟

منذ توليها السلطة، قدمت حكومة أخنوش نفسها على أنها حكومة اجتماعية تهدف إلى تقليص الفوارق الاجتماعية وتحسين ظروف العيش للفئات الهشة. ومع ذلك، فإن قراراتها وسياساتها لا تزال تثير تساؤلات حول مدى جدية هذا التوجه.

رغم تخصيص ميزانيات كبيرة لبرامج اجتماعية، مثل "الدعم المباشر" و"التغطية الصحية الشاملة"، تبقى هذه السياسات عاجزة عن تلبية الحاجيات الحقيقية للمواطنين، خصوصًا الفئات الأكثر تضررًا مثل المتقاعدين. فالإعفاء الضريبي الذي كان من المفترض أن يكون آلية لتحسين أوضاع هذه الفئة تحول إلى مجرد إجراء رمزي لا يحمل أي تأثير ملموس على حياتهم اليومية.

المتقاعدون:فئة منسية في السياسات العمومية

المتقاعدون في المغرب يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع، لكنهم غالبًا ما يُنظر إليهم كفئة غير منتجة تُستثنى من السياسات التنموية الكبرى. يعيش أغلب المتقاعدين على معاشات هزيلة بالكاد تكفي لتغطية احتياجاتهم الأساسية، ويواجهون تحديات كبرى في تغطية مصاريف العلاج والأدوية، التي تشهد بدورها زيادات متتالية.

في ظل هذه الأوضاع، يبدو أن الحكومة قد أغفلت أن المتقاعدين ليسوا عبئًا، بل هم مواطنون قضوا سنوات طويلة في خدمة وطنهم. ومع ذلك، فإن القرارات الحكومية تُظهر نقصًا واضحًا في الالتزام بتحسين أوضاعهم، رغم أن هذه الفئة تستحق التكريم والدعم بدل الإهمال والتهميش.

أخطاء الحكومة:غياب رؤية شمولية

يُظهر قرار الإعفاء الضريبي الهزيل للمتقاعدين افتقار حكومة أخنوش إلى رؤية متكاملة لتخفيف الضغط على الفئات الهشة. بدلًا من وضع سياسات اجتماعية تُراعي ارتفاع تكاليف المعيشة، تكتفي الحكومة بإجراءات ترقيعية لا تعالج أصل المشكلة.

كما أن غياب سياسات جريئة لتحسين أنظمة التقاعد وزيادة المعاشات يعكس تقاعسًا واضحًا عن مواجهة الأزمات الحقيقية التي تواجه المتقاعدين. يُضاف إلى ذلك غياب إصلاحات جذرية في النظام الصحي، الذي يُعتبر أولوية قصوى لهذه الفئة، حيث يتحمل المتقاعدون تكاليف باهظة للعلاج بسبب ضعف التغطية الصحية وعدم كفاية الدعم الحكومي.

الحاجة إلى إصلاح حقيقي

إن تحسين أوضاع المتقاعدين لا يتطلب إجراءات رمزية، بل يحتاج إلى خطة شاملة تتضمن:

  • زيادة حقيقية في المعاشات لتتناسب مع تكاليف المعيشة الحالية.
  • إصلاح النظام الضريبي بما يضمن إعفاءات ضريبية عادلة وذات تأثير ملموس.
  • تعزيز التغطية الصحية لضمان حصول المتقاعدين على العلاج اللازم دون أعباء مالية إضافية.
  • إطلاق برامج دعم مباشر لتحسين جودة حياة المتقاعدين وضمان كرامتهم.

المسؤولية السياسية لحكومة أخنوش

الإعفاء الضريبي الهزيل الذي تقدمه حكومة أخنوش للمتقاعدين يُعد مثالًا صارخًا على السياسات التي تفتقر إلى البعد الاجتماعي الحقيقي. إذا كانت الحكومة تُصِر على تقديم نفسها كحكومة اجتماعية، فعليها أن تُراجع سياساتها وتُدرك أن تحقيق العدالة الاجتماعية لا يقتصر على الشعارات، بل يتطلب التزامًا جديًا بتحسين أوضاع المواطنين الأكثر تضررًا.

إن استمرار هذا النهج سيُفاقم من مشاعر الإحباط والاستياء لدى الفئات الهشة، ويضع الحكومة أمام اختبار حقيقي لمدى قدرتها على الوفاء بوعودها الانتخابية وإحداث تغيير إيجابي في حياة المغاربة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك