أنتلجنسيا المغرب:ن.السعدي
تناول النائب “سعيد السرار” عن الفريق الحركي المحسوب على المعارضة البرلمانية، الكلمةاليوم 24 دجنبر الجاري، لمناقشة مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الاضراب.
ووفق المتتبعين، فقد أبلى النائب عن حزب الحركة الشعبية بلاء حسنا، ولامس العديد من النقاط والإشكاليات، على حد تعبير نفس المتتبعين.
النص الكامل لمداخلة النائب كما توصلت الجريدة بنسخة منه:
السيد الرئيس
السيد الوزير
السيدات والسادة النواب
يشرفني أن أتناول الكلمة باسم الفريق الحركي لإبداء وجهة نظرنا وموقفنا من مشروع قانون تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الاضراب.
السيد الرئيس
نعتبر في الفريق الحركي بأن مناقشة هذا المشروع تشكل لحظة دستورية هامة، وذلك بالنظر من جهة لكونه سيعزز الترسانة القانونية الحقوقية، ومن جهة أخرى، سيستكمل جزءا من الدستور الذي أعطى مكانة أسمى للقوانين التنظيمية، وحدد سقفا لإخراجها في الولاية التشريعية التي تلت المصادقة على دستور 2011، علاوة على انعكاساته المفترضة على الاقتصاد ومناخ الأعمال، وأيضا على الجوانب الاجتماعية، في إطار تلازم الحقوق والواجبات باعتبارها أهم مقومات دولة الحق والقانون.
السيد الرئيس
من المعلوم أن جميع الدساتير المتعاقبة من دستور 1962 إلى دستور 2011 أقرت بالحق في الإضراب كحق دستوري يدخل ضمن الحقوق والحريات الأساسية للأفراد، ولكن الدستور الحالي ربطه بإصدار قانون تنظيمي بدل قانون عادي، مما يعزز المكانة الدستورية لهذا الحق، وبالتالي، كان من الضروري إدخال هذا المشروع إلى مسطرة التشريع، بعدما ظل مجمدا طيلة ستة سنوات عقب إحالته على مكتب مجلس النواب سنة 2016.
حضرات السيدات والسادة
لقد طالبنا في الفريق الحركي في عدة مناسبات بتفعيل الدستور في هذا الجانب المتعلق بحق الاضراب. وبالطبع كنا نطمح بأن تتوفر بلادنا على قانون تنظيمي للإضراب عصري ومتطور ومستوعب لكل السياقات، ومحصنا للحقوق المتلازمة مع الواجبات، كما كنا نتطلع الى قانون تنظيمي يتماشى مع تطلعات المغرب في المجال التنموي والاقتصادي والاجتماعي، ومع الدينامية الاقتصادية المأمولة التي تترجم سعي المغرب الى الاصطفاف ضمن الدول الصاعدة والمتطورة.
فنحن دائما نضع نصب أعيننا تحسين مناخ الأعمال، ولا يمكن المضي قدما في الارتقاء في هذا المجال بدون مجموعة من المحددات والاليات، وضمنها بالطبع الإطار القانوني المتكامل والمحفز بما في ذلك حق ممارسة الإضراب، بالإضافة إلى عناصر أخرى نظير إصلاح العدالة والإدارة والانخراط في التكنولوجيات الحديثة وغيرها.
بيد أن هذا التطلع لا يقتصر على هذا القانون التنظيمي، بل لابد أن يكتمل المسلسل بإعادة النظر في مدونة الشغل، وإرساء قانون جديد للمنظمات النقابية أيضا.
السيد الرئيس
حضرات السيدات والسادة
لقد كنا ندافع على ترسيخ مبدإ الحق في الإضراب بشكل مؤسس ومنظم، وهذا لا يعني قبولنا لأي مشروع وبأية صيغة، أي أننا كنا رافضين للمشروع بصيغته المحالة على المجلس، نظرا للمقتضيات التقييدية والتكبيلية التي تضمنها والعقوبات الجنائية الأشد وغير ذلك، لكن، كان لابد –في تقديرنا- من البداية والشروع في تدارس هذا الورش التشريعي، على أساس تعديله وتصويبه وإخراجه في حلة أفضل.
السيد الرئيس
حضرات السيدات والسادة
نؤكد اليوم، بأن هذا المشروع، تميز بمقاربة تشاركية واسعة، وهذا ما كنا نأمله، انطلاقا من جلسات الحوار الاجتماعي مع النقابات، وأيضا مع مختلف الفرقاء السياسيين، وهذا نهج نثمنه ونثمن انفتاح السيد الوزير على كل الأطياف ذات الصلة بالموضوع، وتفاعله الإيجابي مع عدد من التعديلات، وأيضا مع رأي مؤسستين دستوريتين، ويتعلق الأمر بكل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الانسان، علما أن مسلسل التشاور لازال مستمرا سواء مع مجلس النواب أو مع مجلس المستشارين الذي سيحال عليه المشروع بعد إحالته عليه من طرف مجلسنا الموقر.
لكن الأمر لن يقف عند هذا الحد، فالمشروع ينتظره فحص دستوري آخر من قبل المحكمة الدستورية، بعد تمام المصادقة عليه من طرف البرلمان.
إذن، فنحن على يقين تام، بأن هذا المسار المؤسساتي سينتج قانونا تنظيميا معززا للحق في الإضراب، وسيضع حدا للإشكاليات التي شابت مرحلة الفراغ القانوني في الجانب المتعلق بالحق في الإضراب.
السيد الرئيس
إن مشروع القانون التنظيمي المعروض على أنظار مجلسنا الموقر بصيغته المعدلة سيمكن من إعطاء حيز أكبر للتفاوض المسبق وتعزيز دور النقابات. علاوة على ذلك، فإنه سوف يمكن من:
- توضيح المبادئ الأساسية التي تحكم ممارسة وحماية الحق في الإضراب وحرية العمل؛
- ضمان سلامة المؤسسات والممتلكات؛
- الحفاظ على الحد الأدنى من الخدمة في القطاعات الحيوية؛
- تحديد حقوق والتزامات مختلف الأطراف المعنية.
تحقيقا لهذا الغرض، يعرف هذا المشروع مفهوم حق الإضراب ويضع المبادئ الأساسية التي تضبط ممارسته، بما يضمن ويحمي حق الإضراب بالنسبة للأجير المضرب وحرية العمل بالنسبة للأجير غير المضرب ويحافظ على سلامة المؤسسات وممتلكاتها، ويضمن حدا أدنى من الخدمة في المرافق والمؤسسات العمومية والخاصة حفاظا على المصلحة العامة، كما يحدد التزامات الأطراف والإجراءات الزجرية الممكن اتخاذها في حالة الإخلال بهذه الالتزامات.
السيد الرئيس
بالنظر لكون تنظيم حق الإضراب ببلادنا، يكتسي ضرورة وحاجة ملحة في بلد له تطلعات وانتظارات وطموح تحسين مناخ الأعمال، فقد تعاملنا إيجابا أثناء دراسة هذا المشروع.
بالطبع، كانت لنا مؤاخذات كثيرة على المشروع كما سبقت الإشارة إلى ذلك، سواء بالنسبة لهيكلته أو تبويبه أو مضامينه التي تقيد حرية الإضراب، مما دفعنا إلى وضع عدد من التعديلات التي تنسجم مع قناعاتنا في الحركة الشعبية كحزب تأسس على الدفاع عن الحريات، وتعكس قناعاتنا المرتبطة من جهة، بكرامة الأشخاص، ومن جهة أخرى بالمشروع المجتمعي والنموذج الاقتصادي الذي تتطلع إليه بلادنا.
ومن هذا المنطلق، ركزنا على توسيع المجال بالنسبة للجهات الداعية للإضراب، بشكل لا يقتصر على النقابات الأكثر تمثيلية، بل إتاحة هذا الحق لكل المنظمات النقابية والمهنية المؤسسة والمعترف بها قانونا، متى ما توفرت لها الشروط القانونية والموضوعية التي تضمن لها حق تمثيل العمال والأجراء، وأيضا غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، كالتجار ومزاولي المهن التقليدية وفئات أخرى من الفئات المجتمعية كالعاملات والعمال المنزليين.
كما اقترحنا حذف بعض المقتضيات التي تكرس المنع، نظير الإضراب لأهداف سياسية، والإضراب بالتناوب والتضامن، بالإضافة إلى حذف العقوبات السالبة للحرية ومسطرة التسخير، وغيرها من التعديلات التي تفاعل معها السيد الوزير مشكورا بالإيجاب.
السيد الرئيس
أكيد أن إخراج هذا القانون التنظيمي، سيتبعه تعديل مجموعة من القوانين كمراجعة مدونة الشغل، وإخراج مشروع قانون النقابات، وإلغاء ومراجعة التشريعات والمقتضيات القانونية التي تنتهك الحرية النقابية، ومن ضمنها إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يتم بموجبه اعتقال ومحاكمة النقابيين بدعوى عرقلة حرية العمل، لذلك يتعين إرساء نظرة شمولية تحقق الانسجام بين هذه القوانين، هذه النظرة الشمولية التي تتطلب أيضا إخراج النظام الأساسي لجهاز الشغل، وتدارك الخصاص الحاد في مفتشي الشغل ترسيخا للمراقبة وتفعيلا للحقوق المنصوص عليها في الدستور وفي مختلف القوانين.
وقد كنا في الفريق الحركي نأمل أن تعتمد المقاربة التشاركية نفسها في صياغة المشاريع الآنفة الذكر، باعتماد أسلوب التفاوض والتوافق بين مختلف الفاعلين.
السيد الرئيس
- إننا في الفريق الحركي نزكي ما تضمنه هذا المشروع في صيغته المعدلة من مبادئ تتمثل أساسا في:
- إمكانية اللجوء إلى المفاوضة والمصالحة قبل اللجوء إلى الإضراب،
- منع عرقلة ممارسة حق الإضراب وكذا حرية العمل،
- التنصيص على حقوق وواجبات الأطراف أثناء الإضراب وإقرار مهلة للإخطار،
- منع كل إجراء تمييزي بسبب ممارسة حق الإضراب، ومنع إحلال أجراء محل المضربين لا تربطهم بالمؤسسة أية علاقة شغل.
- التنصيص على أنه يعتبر باطلا كل شرط تعاقدي فردي أو جماعي يقضي بالتنازل عن ممارسة حق الإضراب.
لكننا نأمل أن تتوسع المشاورات حول النقط الخلافية وبذل مجهود أكبر لمراجعة العقوبات الواردة في المشروع الأصلي أو المعدل، ومراجعة آجال الإخطار في أفق تقليصها، بالإضافة إلى توسيع الحريات النقابية لجميع الفئات في القطاعين العام والخاص، وعموما استحضار حق الطرف الضعيف في المعادلة، ونعني بذلك صغار الأجراء.
السيد الرئيس
إن المسؤولية ملقاة على عاتقنا جميعا لإخراج قانون تنظيمي فعلي للإضراب يلزم المشغل والأجراء بمجموعة من الالتزامات التي تبقي على حياد السلطة وعلى نبل العمل ونبل الإضراب والعمل النقابي. فكما أننا نمتثل لقوانين العمل لحظة العمل، نمتثل لقانون الإضراب لحظة الإضراب. فلا شيء يعلو على سلطة القانون.
وعموما نقول إن بلادنا في حاجة إلى قانون منظم للإضراب، على غرار دول أخرى، خاصة وأن المغرب عرف في السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في عدد الإضرابات، مما يعكس الحاجة إلى بناء ترسانة قانونية كفيلة بتنظيم ممارسة هذا الحق الدستوري، وفي هذا الاطار فإننا لا نقول، بأننا في حاجة إلى قانون منظم للإضراب وكفى، بل يتعين أن يكون هذا القانون التنظيمي الذي يشكل جزءا من الدستور، قانونا متقدما، ضامنا للحريات، ومسهما في نفس الوقت في تنمية البلاد، هذا المشروع الذي لا يجب أن يتحدث في نظرنا لغة الأغلبية والمعارضة، بل يجب أن يعكس المصلحة العليا للبلاد.
ما نتمناه هو خروج هذا القانون التنظيمي بشكل متوافق عليه، وفي أسرع وقت ممكن، لأنه لا يعقل أن تبقى ترسانتنا القانونية خالية من هذا المشروع.
والسلام عليكم
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك