هل أصبحت رفاهية الكلاب والقطط أداة لتلميع صورة المجالس المنتخبة في أكادير؟

هل أصبحت رفاهية الكلاب والقطط أداة لتلميع صورة المجالس المنتخبة في أكادير؟
سياسة / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1 بينما تُشيد مدينة أكادير بمشروعها الجديد لبناء ملجأ للكلاب والقطط الضالة، وتتغنى بمساحة المشروع الشاسعة التي تقارب 4 آلاف متر مربع، وسط إشادة المسؤولين المحليين بما يرونه إنجازاً يعكس الالتزام بالتنمية المستدامة والتوازن البيئي، يظل المواطن البسيط، الذي يعاني الأمرّين في شوارع المدينة، خارج هذه الحسابات، وكأن مصير الإنسان قد أصبح في مرتبة أدنى من مصير الحيوان. في الوقت الذي تعلن فيه المدينة عن طاقة استيعابية تصل إلى ألف كلب و200 قطة، هل سأل أحدهم عن عدد المشردين الذين يُتركون يومياً في الشوارع بدون مأوى أو طعام؟ هل هناك إحصاءات تكشف حجم معاناة هؤلاء المواطنين الذين فقدوا كل شيء، حتى كرامتهم؟ أم أن المجلس البلدي يعتقد أن بناء مأوى للحيوانات الضالة سيُغطي على فشله في توفير أبسط حقوق الإنسان؟ نحن هنا لا نُقلل من أهمية رعاية الحيوانات وحمايتها، فالمجتمعات المتحضرة تولي اهتماماً كبيراً بحقوق الحيوانات، لكن هذه المجتمعات نفسها تضع الإنسان في صدارة أولوياتها. أين هي أولويات مجلس أكادير حين يُهدر المال العام في مشاريع قد تكون، في هذا التوقيت تحديداً، نوعاً من الترف واللامبالاة؟ كيف يُمكن أن تُخصص هذه المبالغ الهائلة لبناء ملجأ للكلاب والقطط، بينما لا نرى سوى التجاهل المتعمد لأزمة المشردين الذين باتوا يشكلون أزمة إنسانية في المدينة؟ هذا المشروع، الذي قد يتباهى به البعض على أنه إنجاز حضاري، يكشف عن حقيقة مرة: أن كرامة المواطن باتت في مهب الريح، وأن المدينة أصبحت تُدار بعقلية تبحث عن الاستعراض أكثر من البحث عن الحلول الجذرية لمشاكل الناس. فمن يُصدق أن في مدينةٍ لا يجد فيها الآلاف من الفقراء والمشردين مأوىً يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء، يتم تخصيص مئات الملايين من الدراهم لإيواء الكلاب والقطط؟! هل هذا هو العدل الاجتماعي الذي تُنادي به السياسات العمومية؟ أم أن الإنسانية أصبحت مجرد شعار فارغ يتغنى به السياسيون لتحقيق مكاسب ضيقة؟ وإذا كان هذا المشروع يستهدف الحد من انتشار الحيوانات الضالة حفاظاً على الصحة العامة، فلماذا لم تُخصص الأموال نفسها لبناء مراكز إيواء وتدريب للمشردين والفقراء، حيث يمكن إعادة تأهيلهم، وتوفير خدمات صحية ونفسية تساعدهم على استعادة حياتهم؟ أليست هذه هي الخطوة المنطقية نحو تنمية حقيقية تُعنى بالإنسان قبل أي شيء آخر؟ لكن للأسف، يبدو أن هؤلاء المسؤولين يتصرفون وكأن مشاهد الفقر والبؤس في شوارع أكادير ليست سوى ديكور مؤقت يُضفي طابعاً مأساوياً على المشهد السياسي، في حين يُهدر المال العام في مشاريع لا تُسمن ولا تُغني من جوع. والأدهى من ذلك، أن هذه المشاريع التي يُزعم أنها تصب في مصلحة البيئة والمجتمع قد تكون وسيلة جديدة لتبذير أموال الشعب وتوزيعها على أصحاب النفوذ والمقربين. فإذا كانت كرامة الكلاب والقطط تُصان عبر بناء مراكز رعاية حديثة، فأين كرامة الإنسان؟ أين حقوق المشردين الذين طُردوا من منازلهم بفعل سياسات اقتصادية فاشلة وفساد مُستشرٍ أرهق جيوب المواطنين ودفع بهم إلى حافة الهاوية؟ هل يعقل أن نرى في شوارع المدينة مواطنين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، بينما نجد الكلاب الضالة تنعم بمأوى دافئ ورعاية صحية؟ أم أن الحيوان قد أصبح أكثر أهمية من الإنسان في نظر هؤلاء السياسيين؟ لقد حان الوقت لوضع النقاط على الحروف، ومحاسبة من يعتبرون أن بناء ملجأ للحيوانات هو الأولوية في ظل تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. فالمواطنون لا يبحثون عن إنجازات تجميلية، بل عن سياسات عادلة، تضمن لهم ولأبنائهم حياة كريمة. وإن كان المسؤولون غير قادرين على تحقيق هذه المعادلة البسيطة، فليبحثوا عن مخرج آخر، لأن أكادير ليست بحاجة إلى مستثمرين سياسيين يعتنون بالكلاب ويُهملون الإنسان.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك