سياسة / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
بقلم:عبد المولى المروري
مرة أخرى يخلف حزب العدالة والتنمية ومناضلوه الحقوقيون، ومنتدى الكرامة لحقوق الإنسان ومناضلوه موعدهم مع أحد أهم المحطات الحقوقية التاريخية المغربية بغيابهم في المهرجان الذي نظمته ثلاث جمعيات حقوقية بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.. على شرف المفرج عنهم بالعفو الملكي.. هذا الغياب أصبح واضحا وملحوظا في كل اللقاءات والأنشطة والمعارك الحقوقية.. وآخرها غيابهم هذا، وفي الاحتفالات واللقاءات المواكبة للعفو الملكي..
فقد آلمني جدا أن يُسجل هذا الغياب مرة أخرى في هذا المهرجان الحقوقي الكبير في دلالاته ومعناه، وإن كان صغيرا في المكان وعدد الحاضرين.. فهذا الغياب يظل غير مبرر وغير مفهوم وغير مقبول، مهما قُدمت له من تفسيرات وتبريرات.. على الأقل بالنسبة لبعض الأسماء المعروفة في مجال حقوق الإنسان، وكذلك بالنسبة لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان في شخص بعض أعضاء المكتب التنفيذي البارزين أو التاريخيين..
غياب أليم وجارح سُجل أيضا في الزيارة التضامنية الجماعية التي نظمتها هذه الجمعيات رفقة المفرج عنهم إلى بيت النقيب الأستاذ محمد زيان!! فإذا كانت هذه الزيارة كبيرة ومهمة ومعبرة في معناها ودلالاتها، فغياب مناضلي الحزب والمنتدى كبير ومهم ومعبر كذلك، ولكن في الاتجاه المعاكس للأسف الشديد!
أما الذين صورتهم بعض عدسات الهواتف أو كاميرات الصحافيين لحظة الإفراج عن بعض الصحافيين، فلقد حضروا لذلك بصفتهم الشخصية وبدافع الصداقة الخاصة وليس في إطار المؤازرة أو التضامن الحقوقي..
هذا الغياب ليس وليد هذا الحدث المهم والكبير الذي واكبه وحضره عشرات المناضلين الحقوقيين، بل هو غياب مستمر ومتواصل، الأمر الذي أصبح سمة يعرف بها الحزب ومناضلوه الحقوقيون.. غياب يهم القضايا الحقوقية وقضايا حرية التعبير، وكذا القضايا الاجتماعية المتوترة (سيدي إيفني، الريف، فكيك، سواحل أكادير…) التي تكون في مواجهة بعض رجال السلطة، والتي تنتهي بمتابعة مواطنين واعتقالهم ومحاكمتهم وإدانتهم.. وبالمفهوم الشرعي غياب يهم قضايا الظلم والجور التي يتعرض له الكثير من المواطنين المغاربة جراء تعسف بعض رجال السلطة أو رجال الأمن في حقهم .. بينما يسجلون حضورا مهما ووازنا في قضايا الهوية والقضية الفلسطينية التي لا يصل مستوى الإدانة والاحتجاج فيها إلى هرم الدولة رغم فظاعة ما يقع في الأراضي المحتلة..
هذا الغياب الذي أصبح يأخذ شكل الغياب المنهجي يطرح عدة أسئلة محرجة عن سببه وخلفياته وأهدافه ودلالاته، ومن وراءه؟؟
لقد أجبت عن بعض هذه الأسئلة في مقالات سابقة، وأختزلها الآن في فكرة واحدة، أن جهة ما في قيادة الحزب تتحاشى كل خطوط التماس مع الدولة في الشق المتعلق بالسياسة الأمنية وممارسات رجال الأمن ورجال السلطة المنتهكة لحقوق الإنسان حتى لا يجد الحزب نفسه داخل بؤرة توتر مع الدولة، لأن ذلك حسب هؤلاء القادة الكبار شأنٌ ومجال خاص بالدولة، ويعتبرونه خارج أولوياتهم واهتماماتهم ومشاكلهم.. (وليس الحزب)، وفي أحسن الأحوال يكتفون بفقرة صغيرة داخل بيان طويل ينبهون فيه أو يلتمسون من خلاله تصفية الأجواء دون أطروحة واقعية، وبعيدا عن أي مبادرة حقوقية وسياسية حقيقية..
هذا المنهج انسحب ميدانيا وفكريا ووجدانيا على جل المناضلين الفاعلين، لذلك لا تجد لأكثرهم أثرا في كل الأنشطة النضالية الميدانية، سواء في الشوارع إلى جانب سائر التنظيمات الحقوقية الأخرى، أو في المحاكم حيث تعقد محاكمات النشطاء أو المدونين أو الصحافيين، أو حتى في الندوات الصحفية أو المقرات في الأنشطة الحقوقية العامة.. باستثناء بعض التدوينات المحدودة هنا وهناك في الفضاءات الافتراضية ووسائل التواصل الاجتماعي…
غياب سيؤثر بشكل سيء على الوجه الحقوقي للحزب والتنظيمات التابعة له التي تشتغل في مجال حقوق الإنسان، إن لم يكن قد أثر فعلا.. خاصة جمعية محامون من أجل العدالة.. لهذا، فمن ضمن أهم المراجعات التي يجب أن يعكف عليها الحزب استعدادا للمؤتمر الوطني القادم هو كيفية التعامل مع ملف حقوق الإنسان داخل الحزب.. هل سيستمر في تجاهله وبُعده عن هذا المجال الحارق؟ أم سيقرر خوض معارك حقوق الإنسان إلى جانب القضايا الأخرى التي يبدع فيها بشكل كبير؟ وعلى شباب الحزب أن يتسلحوا بالشجاعة والجرأة الكافية لفتح هذا الملف وطرحه بقوة داخل أوراق المؤتمر، ليكون ملف حقوق الإنسان والقضايا الاجتماعية على رأس اهتمامات الحزب، كي لا يبقى نضالا على الأوراق والبيانات، بل يصبح نضالا في الميدان والساحات..
ولا يفوتني أخيرًا أن أعبر عن شكري وامتناني للجمعيات التي نظمت هذا المهرجان العظيم على شرف المفرج عنهم بمقتضى العفو الملكي، ولطالما كنت أتمنى أن أكون أول الحاضرين في مثل هذه المناسبة الكبيرة والاستثنائية من أجل استقبال المفرج عنهم واحتضانهم ومشاركتهم فرحتهم وسعادتهم..
وأخص بالذكر والشكر والامتنان كذلك الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي احتضنت هذا المهرجان في شخص أيقونتها المتميزة الأستاذة خديجة رياضي التي خصتني بالذكر في كلمتها، وذكَّرت بما أتعرض له من تضييق وتشهير، وكذا التذكير بحصولي على جائزة أمنستي الدولية المخصصة للمدافعين عن حقوق الإنسان… في وقت تجاهلني وتنكر لي (بعض رفاق الدرب والتنظيم) من كنت أناضل معهم وإلى جانبهم ومن أجلهم ذات أيام وردية في محطات نضالية عديدة.. وربما ستكون لي عودة لهذا الأمر، وإن كنت لا أتمنى ذلك..
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك