تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في المغرب ركيزة أساسية لمكافحة الفساد وحماية البيئة

تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في المغرب ركيزة أساسية لمكافحة الفساد وحماية البيئة
... رأي / الثلاثاء 29 أبريل 2025 - 13:44 / لا توجد تعليقات:

بقلم سمير بوزيد

بادئ ذي بدء، لا شك فيه أن مؤسسات المجتمع المدني في المغرب تمثل ركيزة أساسية في بناء دولة ديمقراطية شفافة ومستدامة بيئيًا.

فمن خلال الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، يتجلى صوت المواطن ورافعة للمساءلة والرقابة، وهو ما يعكس تطورًا هامًا في المشهد المدني المغربي. واستنادًا إلى تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان لعام 2022، تواجه هذه المؤسسات تحديات قانونية وتنظيمية ومالية تعيق فعالية عملها، مما يستدعي استراتيجيات واضحة لتعزيز دورها.

تشير تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة العلاقات مع المجتمع المدني إلى أن المجتمع المدني المغربي يساهم بفعالية في فضح الفساد وتعزيز الشفافية، رغم وجود قيود قانونية، منها مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي يحد من قدرة الجمعيات على التبليغ القضائي عن الفساد، ما يضعف دورها الرقابي (المجلس الوطني لحقوق الإنسان، 2022؛ وزارة العلاقات مع المجتمع المدني، 2023).

وتفسيرا لذلك، تواجه الجمعيات تحديات في التمويل والتنسيق، إذ تعمل نسبة كبيرة منها بمعزل عن الشبكات، مما يقلل من تأثيرها الجماعي، كما أظهر ذلك المعهد المغربي للدراسات الاجتماعية في دراسته لعام 2024.

ومن هذا المنطلق، يبرز الناشط الحقوقي المعروف سمير بوزيد، الكاتب العام لمركز عدالة لحقوق الإنسان، الذي كرّم كرجل سنة 2024 لحماية المال العام، كصوت صريح وفاعل في الدفاع عن استقلالية المجتمع المدني وحقه في التبليغ والمساءلة. يقول بوزيد: «المجتمع المدني في المغرب هو الضمير الحي للمجتمع، لكنه يواجه جدرانًا قانونية ومالية تعيق عمله. رغم ذلك، لا يمكن إنكار دوره في فضح الفساد وحماية البيئة» .

 وعليه، يضيف: «مشروعنا يهدف إلى بناء جسور ثقة بين المواطن والمؤسسات، لكننا بحاجة إلى إطار قانوني يحمي المبلغين ويعزز استقلالية الجمعيات.» وتماشيا مع ما تم ذكره، يؤكد أن «منع الجمعيات من التبليغ عن الفساد انتهاك صارخ للحقوق الدستورية وللالتزامات الدولية التي صادق عليها المغرب» (تصريح صحفي، 2024).

وعلى خلاف ذلك، وفي مجال البيئة، يلعب المجتمع المدني دورًا متزايد الأهمية في دعم استراتيجيات وطنية مثل المخطط الوطني للمناخ 2030، حيث تنشط الجمعيات في التوعية، دعم النوادي البيئية، وحماية التنوع البيولوجي، كما ورد في تقرير «آفاق بيئية» لعام 2023. ويقول بوزيد: «البيئة قضية الجميع، والمجتمع المدني هو الحارس الحقيقي لها. لكننا بحاجة إلى تعزيز التنسيق وتوفير الموارد اللازمة» .

وفي هذا الإطار، تواجه مؤسسات المجتمع المدني عدة تحديات جوهرية، منها: 

- قيود قانونية تحد من حرية التبليغ والمساءلة، وتحتاج إلى تعديل لتتماشى مع المعايير الدولية (المجلس الوطني لحقوق الإنسان، 2022).

- ضعف التمويل يهدد استقلالية الجمعيات ويحد من استمراريتها (المعهد المغربي للدراسات الاجتماعية، 2024).

- ضعف التنسيق بين الجمعيات يعيق تبادل الخبرات وتوحيد الجهود.

- الخلط بين الأدوار الحقوقية والسياسية والإنسانية يضعف المصداقية.

- تأثير العادات والتقاليد والثقافة المجتمعية على فعالية العمل المدني.

- ضعف استغلال التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز الشفافية والتوعية.

- الحاجة لتمكين الشباب والنساء لتعزيز التنوع والفعالية.

- دور الإعلام الحر والمستقل كمكمل لدعم المجتمع المدني.

- ضرورة استكشاف آليات تمويل مبتكرة مثل التمويل الجماعي والشراكات مع القطاع الخاص.

ولا مناص من القول إن تمكين المجتمع المدني يبدأ بتوفير إطار قانوني يحميه، ودعم مالي وتقني مستدام، مع فتح قنوات حوار حقيقية مع السلطات. وحري بنا التطرق إلى أهمية توسيع مشاركة المجتمع المدني في صنع السياسات، ونشر المعلومات بشفافية، وتطوير استخدام التكنولوجيا، وتمكين الفئات المهمشة، كما أكد سمير بوزيد في مقابلة خاصة عام 2024. 

وتجدر الإشارة إلى أن التوصيات العملية لتعزيز دور المجتمع المدني في المغرب تشمل:

1. تعديل الإطار القانوني لتعزيز حرية العمل الجمعوي وحماية المبلغين (المجلس الوطني لحقوق الإنسان، 2022).

2. توفير دعم مالي وتقني مستدام للجمعيات (المعهد المغربي للدراسات الاجتماعية، 2024).

3. تعزيز التشبيك والتنسيق بين الجمعيات.

4. توسيع مشاركة المجتمع المدني في إعداد السياسات العمومية.

5. اعتماد سياسات نشر استباقية للمعلومات البيئية والمالية.

6. تطوير استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي.

7. تمكين الشباب والنساء داخل مؤسسات المجتمع المدني.

8. دعم الإعلام الحر والمستقل.

9. تنويع مصادر التمويل عبر آليات مبتكرة. 

وخلاصة القول، يمثل المجتمع المدني المغربي القلب النابض لمقاومة الفساد وحماية البيئة. ولا غرو أن دعم هذه المؤسسات وتمكينها قانونيًا وماليًا، وتطوير آليات التشبيك بينها، سيمكنها من أداء دورها الرقابي والتوعوي بفعالية أكبر، مما ينعكس إيجابًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

ونافلة القول، «المجتمع المدني هو الأمل، والشفافية هي الطريق. 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك