بقلم:نعيمة لحروري
السيدة أحلام مستغانمي
قرأت مقالك الذي تبجلين فيه الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين وتصفينه بـ"زمن الرجال الرجال".. مستشهدة بمواقفه البطولية ودعمه لمصر خلال نكسة 1967.. لكن يبدو أن ذاكرتك الانتقائية قد نسيت أو تناست إحدى أكثر المحطات المظلمة في عهده.. والتي ما زالت جراحها مفتوحة حتى اليوم: مأساة طرد عشرات الآلاف من المغاربة من الجزائر سنة 1975.. والتي عرفت بـ"المسيرة الكحلاء"..!!!
في ذلك العام.. وبقرار سياسي يحمل في طياته تصفية حسابات مع المغرب على خلفية تنظيم المسيرة الخضراء.. قرر هواري بومدين طرد نحو 45 ألف مغربي من الجزائر.. رغم أن كثيراً منهم عاشوا لعقود على تلك الأرض.. وساهموا في نضالها من أجل الاستقلال.. كان بينهم أطفال ولدوا في الجزائر ولم يعرفوا وطناً غيرها.. وآباء فقدوا أحباءهم وممتلكاتهم بين ليلة وضحاها..
التوقيت لم يكن أقل قسوة من القرار نفسه: ليلة عيد الأضحى !!! حين اجتاحت دوريات الشرطة والدرك بيوت العائلات المغربية.. وطُلب منهم مغادرة كل شيء خلفهم.. ليُرحَّلوا قسراً في شاحنات مهينة.. وكأنهم غرباء أو مجرمون..
أما الطامة الكبرى.. فهي أن هذا القرار أضر ليس فقط بالمغاربة.. بل بالجزائريين أنفسهم الذين فقدوا أصدقاءهم وأفراد عائلاتهم.. ليترك ندوباً عميقة في نسيج العلاقات الاجتماعية بين الشعبين..
ألا تستحق هذه المأساة الإنسانية التوقف عندها؟؟ أم أن التاريخ لا يُكتب إلا بما يُرضي ذاكرة البعض ويُطمس حقائق تؤلمهم؟؟
السيدة مستغانمي..
قد تكونين محقة في الإشادة بمواقف بومدين تجاه القضايا العربية.. ولكن التاريخ لا يتجزأ.. ومواقفه تجاه المغرب والمغاربة تظل شاهداً على وجه آخر لا يمكن التفاخر به..
احتراماً للتاريخ ولآلاف الضحايا الذين لا يزالون ينتظرون جبر الضرر والاعتراف بما عانوه.. أذكّرك أن "زمن الرجال الرجال" الحقيقي هو الذي تُحترم فيه حقوق الإنسان.. ولا تُداس فيه كرامة الشعوب!!
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك