... رأي / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
مغربنا 1 المغرب
في سياق نظرة استباقية أو استشرافية لتطور الأحداث في منطقتنا أتوقع في المدى المنظور أن يقع أمران :
- أولهما : نهاية مقترح الدولتين والتوجه نحو حل في إطار دولة واحدة تجمع الفلسطينيين والإسرائيليين ، لأن حل الدولتين لم يعد قابلا للتحقيق وفقد مقومات الحياة ، لا المساحة التي بقيت تحت مسؤولية الفلسطينيين ولا توزيعها الجغرافي ولا مقوماتها الاقتصادية ولا البنية السياسية والاجتماعية الفلسطينية تصلح لإقامة دولة ، ولا إمكانية توسيع هذه المساحة ممكنة ، ولا الإسرائيليين مستعدون للتنازل عن الصلاحيات الكفيلة بتأسيس دولة فلسطينية قابلة للحياة ، لذلك من العبث الاستمرار ، في هذا الطرح لمدة أطول ، ولذلك فإن الإمعان والاستمرار في تبديد الجهد والوقت في التظاهر من أجل الإعلان عن الموقف من التطبيع ، سلبا أو إيجابًا وإن كان حقا مشروعاً ، فإنه لا يختلف عن طقوس عاشوراء و " البكاء على الحسين " ، تلك الطقوس التي ، رغم مشروعيتها ( ولا أتكلم عن شرعيتها ) في وقتها وزمانها حين اغتيال الحسين ، إلا أنها أصبحت اليوم خارج الزمن ومتجاوزة وعبثية وقد تتسبب في الكثير من الجراح والندوب على الجسم ، دون أن يستفيد الحسين رحمة الله عليه من ذلك شيئا .
- ثانيا : ستتم توسعة الحلف الأطلسي لتشمل دول أفريقية وآسيوية ، على رأسها الإمارات والسعودية والمغرب ومصر . أقول هذا لأن العالم يخضع في لحظاتنا التاريخية هذه ، لعملية تفكيك وإعادة ترتيب وتركيب قسرية ، لا مجال فيها لتعدد الخيارات ، هدفها هو تهيء الساحة والظروف للمواجهة بين القطبين الجبارين المعلنين عبر العالم ، أمريكا ومن يدور في فلكها من جهة ومحور الصين-روسيا ومن يدور في فلكهما من جهة أخرى ، وبقراءةٍ بسيطة يتبين أن ساحة هذه المواجهة لن تكون سوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أو ما يعرف بمنطقة MENA ، ومن أجل ذلك تعمل على تأهيل هذه المنطقة لمصلحتها ولتكون داعمة لها في سياق المواجهة المقبلة ، ولكي تصبح كذلك فإن المنطقة تحتاج لأن تصبح في نفس الآن قوية ووفية ، أي مرتبة ومرتبطة بشكل وثيق بالمشروع الأمريكي ، وكي تصبح كذلك عليها أن تكون موحدة ، ولكي تكون موحدة فعليها أن تنزع مجموعة من الألغام والخلافات ذات الطابع السياسي والعسكري ، والتي تقف حاجزا في وجه عملية توحيدها ، ولذلك ما فتئنا نقول أن تزامن الإجراءات الأمريكية في فلسطين والصحراء ، ليس مقايضة بأي شكل من الأشكال ، بل أكاد أقول أن أمريكا بحاجة لقوة حليفة ومستقرة بالصحراء بقدر حاجة المغرب لذلك ، إنها بعض من حزمة إجراءات جيوسياسية تبتغي خلق أكبر تكتل سياسي وأكبر قوة اقتصادية بأكبر امتداد جيواستراتيجي في منطقة مينا والممتد تأثيرها المباشر وغير المباشر على مدى ثلاث قارات ، إفريقيا ، آسيا وأوروبا ، لصالح الرؤيا الأمريكية ، وذلك حتى تقف حاجزا وواقيا من الصدمات المباشرة بين أمريكا والصين-روسيا ، وللحد من تمدد هذا القطب الأخير ، بعد اختراق الصين لإفريقيا واستقرار روسيا بسوريا ، وسيتعزز كل هذا ربما لاحقا باتخاذ إجراءات أمريكية أخرى لحل ما تبقى من مشاكل سياسية عالقة في المنطقة . وفي هذا الإطار فقط يمكننا إدراج الإجراءات الأمريكية السابقة والحالية والمستقبلية ، سواء كانت تطبيعاً أو غيره ، ولهذا اعتبرت لا أننا قد نسير في المستقبل القريب في اتجاه حل الدولة الموحدة في إسرائيل-فلسطين عوض حل الدولتين ، دولة يتعايش فيها العرب واليهود وفق منهجية تتجاوز وتطوي منطق الصراع ، وتنهل من" روح "التعايش ، ودور المغرب في هذه السيرورة هو أنه يعتبر مرجعية لهذه الروح بالإجماع ، برصيد من التعايش مسنود بالتاريخ والثقافة المشتركة التي تحملها فئة كبيرة من مغاربة إسرائيل ، مثلما تشكل روح العلاقة التي تربط المغرب بأقاليمه الجنوبية ، إنها علاقة فريدة متفردة مؤطرة بإمارة المؤمنين ونظام البيعة ، و رئاسة لجنة القدس المنبثقة والمسنودة بهذه المرجعية والصفة ، وهو ما يعطي للمغرب دورا محوريا في عملية إعادة التشكيل هذه باعتبار علاقاته الخاصة والمتميزة بين كل من الفلسطينيين والمغاربة الإسرائيليين الفاعلين والمؤثرين جدا في قرارات الدولة العبرية . ومن نافلة القول أن تكتلا سياسيا واقتصاديا كالذي ذكرناه في منطقة MENA ، لا بد له من حماية وإسنادٍ عسكري ، ولذلك لا يجب الاستغراب من تسارع الأحداث والترتيبات العسكرية في المنطقة ، سواءً تعلق الأمر بالقواعد العسكرية الأمريكية الإسرائيلية ، أو بتجهيز دول المنطقة بالسلاح والتكنولوجيا القتالية ، وهو ما جعلنا نتوقع فتح نقاش قريب حول انضمام بعد الدول التي تعتبر مفاتيح للمنطقة ، إلى حلف شمال الأطلسي في أقرب الآجال . بعبارة أخرى يمكن القول أن القطبين الأمريكي والصيني يبحثان عن " ساحة حرب " بعيدة عن مجالاتهما الجغرافية والحيوية ، وقد وجدا في منطقة MENA ، كل الشروط الملائمة لذلك ، ولا نعني بالحرب هنا الحرب العسكرية بالضرورة وإن كانت قد تتطور إلى ذلك ، وإنما ساحة حرب اقتصادية وتكنولوجية غير مسبوقة ، والمنتصر في حرب MENA سينتصر في حرب الاستقطاب . نحن إذا أمام عملية إعادة ترتيب جيوستراتيجي هائلة وقسرية يكاد يستحيل الوقوف في مواجهتها بما نحن عليه حاليا ، دون التحول إلى رماد ، ولذلك لم يعد هناك مكان في المنطقة ، ليس للبوليساريو فقط ، التي لا تعدو كونها تشوها خلقيا وأخلاقيًا سيتم استئصالها بدون رحمة ، بل لم يعد هناك مكان حتى للدول التي لم تفهم بعد هذه المعادلة أو قد تتأخر في فهمها ، سواءً تعلق الأمر بالجزائر أو حتى ببعض الدول والتكتلات الأوروبية التي قد تؤدي ثمنا غاليا باعتقادها القدرة على الوقوف في وجه الأحداث ، وقد فهمت تركيا ذلك بسرعة حين صرح أردوغان أمس أن تركيا ترغب في تعزيز علاقاتها مع إسرائيل . ومن جهة أخرى فإنه في أي عملية إعادة بناء لصرحٍ ما ، لا يمكن الاحتفاظ إلا بالأعمدة الصلبة والمتينة أما باقي الأعمدة ( الدول ) المهترئة سيتم حتما تسويتها بالأرض قبل البناء على أنقاضها ، ولذلك وجد المغرب نفسه بحكم ما يتمتع به من صلابة سياسية وثقافية وجيواستراتيجية ، مكلفا بريادة وتأطير المنطقة برمتها . وغيره آيل إلى الدمار لا محالة
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك