النقاش يعود مجددا حول العولمة..هل تعود؟هل انتهت؟هل ما زالت صالحة بعد كورونا؟

النقاش يعود مجددا حول العولمة..هل تعود؟هل انتهت؟هل ما زالت صالحة بعد كورونا؟
اقتصاد / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

مغربنا1-maghribona1
نقاش ساخن: هل تتراجع العولمة أم لا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فإلى أي مدى، وما هي تبعات ذلك على الرخاء والحد من الفقر في العالم؟ ليس من السهل الإجابة على مثل هذه الأسئلة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى وجود تعريفات مختلفة للعولمة، وبالتالي تختلف أساليب قياسها. وتشير تقارير بحثية جديدة أجراها البنك الدولي، استنادا إلى تعريف جديد، إلى أن العولمة لا تزال نشطة ونابضة بالحياة. لكن، ذلك يعتمد في البداية على السياق المعني. فقد ظلت العولمة، على مدى أكثر من 50 عاما، عاملا محفزا للتنمية الاقتصادية، والتكامل التجاري، وبناء الرخاء. كما ساعدت في انتشال أكثر من مليار شخص من براثن الفقر. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، أصبحت مسارا للشركات في الاقتصادات الصاعدة لدخول سلاسل القيمة العالمية ومضاعفة حصتها من الصادرات تقريبا. وأدى التقدم المذهل في مجالات الاتصالات والنقل وتكنولوجيا المعلومات إلى تسهيل المعاملات والأنشطة التجارية بين البلدان الواقعة على طرفي الكرة الأرضية وخفض تكاليفها، فضلا عن النفاذ إلى أسواق بعضها بعض، وتبادل الموارد والمعرفة الفنية والتكنولوجيا. ومن ناحية أخرى، يلقي بعض المنتقدين في الاقتصادات المتقدمة باللوم على العولمة نظرا لفقدان الوظائف في قطاع الصناعات التحويلية، ويشير آخرون إلى العولمة بوصفها مصدرا لانبعاثات غازات الدفيئة. وفي الآونة الأخيرة، دفعت جائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا، والتوترات بين الصين والولايات المتحدة البلدان والشركات إلى إعادة التفكير في الإستراتيجيات العالمية. ولكن إلى أي مدى تتراجع العولمة فعليا؟  بعض الدراسات لا تجد سوى النزر القليل من الأدلة المنهجية على ذلك، وتخلص دراسات أخرى إلى أن "الانفتاح التجاري" قد تراجع مؤخرا في بعض المناطق، بالتزامن مع تباطؤ وتيرة الإصلاحات التجارية ووجود مخاطر تهدد عجلة النمو. وهذا ليس مجرد بحث أكاديمي، وقياس العولمة بدقة ضروري لفهم أثر التحديات الراهنة على الاقتصاد العالمي. ولا يمكن للسياسة الاقتصادية أن تبالغ في تقدير انحسار العولمة أو تحسب تكاليف هذا السيناريو بأقل من قيمتها حيث إن ذلك يمثل مخاطر كبرى. ولهذا السبب، نحتاج إلى تعريف واضح مع تطبيقات تجريبية دقيقة لتوجيه السياسة الاقتصادية. ويواصل بعض الاقتصاديين استخدام نسبة التجارة إلى إجمالي الناتج المحلي كمقياس للانفتاح، على الرغم من أن كثيرين غيرهم يرون أنها معيار غير كاف ولا تعني بالضرورة وجود حواجز تجارية عالية. ومن الممكن أن توضح هذه النسبة بعض العوامل مثل حجم الاقتصاد أو هيكله أو القرب الجغرافي من الشركاء التجاريين. وبناء عليه،فالعولمة باعتبارها امتدادا يتجاوز الحدود الوطنية لقوى السوق نفسها العاملة على جميع مستويات النشاط الاقتصادي. وباستخدام هذا التعريف، قمنا بقياس قوة العولمة بوصفها نمو التجارة الدولية بالنسبة للتجارة المحلية. فعلى سبيل المثال، تبيع شركات صناعة السيارات بعض السيارات في السوق المحلية وتصدر الباقي. وتتيح مقارنة تطور صادرات السيارات بالمبيعات المحلية مقياسا أفضل لديناميكيات العولمة مقارنة بنسبة التجارة إلى إجمالي الناتج المحلي. والنموذج المستخدم لرصد الديناميكيات النسبية للتجارة الدولية والمحلية هو ما يسميه الاقتصاديون نموذج الجاذبية الهيكلية. ويتطلب تحليل العولمة اتساقا مع النظرية الاقتصادية دراسة الديناميكيات الخاصة بكل قطاع. فعلى سبيل المثال، جرت العادة أن يكون قطاع الصناعات موجها بصورة كثيفة نحو التجارة، ولكن يبدو أن التقدم الذي أحرزته تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قد زاد من معدلات تجارة الخدمات وتداولها، مما يشير إلى المزيد من فرص العولمة في المستقبل. ويبين الشكل 1 النتائج الرئيسية لبحثنا. كما يبين أن ديناميكيات العولمة في الصناعات التحويلية كانت قوية بالفعل في عام 1965، وفي الوقت نفسه نجد انطلاق الزراعة والخدمات في أواخر السبعينيات والتسعينيات على التوالي. ولا توجد أي علامة انحسار العولمة بعد عام 2008.  
الشكل 1: انطلاق العولمة في أوقات مختلفة حسب القطاع والبلد.
الصورة
المتوسط العالمي لمختلف القطاعات
الشكل 1 (أ) المتوسط العالمي لمختلف القطاعات.
الصورة
المتوسط بين البلدان في الصناعات التحويلية
الشكل 1 (ب) المتوسط بين البلدان في الصناعات التحويلية
ملحوظة: يوضح الشكل (أ) ديناميكيات العولمة بين القطاعات في عام 1965. ويوضح الشكل (ب) هذه الديناميكيات بين البلدان بالنسبة لقطاع الصناعات التحويلية. وتقاس ديناميكيات العولمة (قياس لوغاريتمي) على أنها التغير في التجارة الدولية فيما يتعلق بتدفقات التجارة المحلية في معادلة الجاذبية الهيكلية. وتستخدم ديناميكيات السنوات 1965-1990 قاعدة بيانات المدخلات والمخرجات العالمية (WIOD). وتستخدم ديناميكيات السنوات 1990-2015 قاعدة بيانات Eora. وتستخدم ديناميكيات السنوات 2015-2021 قاعدة بيانات (ADB MRIO)، التي تستخدم التنبؤات الآنية لتدفقات التجارة المحلية (باستخدام متغيرات مثل إجمالي الناتج المحلي) لتغطية السنوات الأخيرة (كما هو موضح بخطوط منقطة).
ويوضح الشكل 1 (ب) ديناميكيات الصناعات التحويلية في مختلف البلدان. وتكشف هذه النتائج عن ديناميكيات مختلفة، حيث تحتل الصين مكانة رائدة في مجال العولمة بدءا من الثمانينيات، متفوقة على الاقتصاد العالمي بدرجة كبيرة خلال الفترة بأكملها. ويختلف الوضع من زاوية نسبة التجارة إلى إجمالي الناتج المحلي. وتتيح نتائج أخرى أيضا رؤى سديدة وعميقة من خلال توضيح كيف تفوقت بلدان مثل الهند على الاقتصاد العالمي في مجال الخدمات، رغم تأخرها في الصناعات التحويلية من منظور العولمة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك