أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
في الوقت الذي تستمر فيه أسعار المواد الأساسية في الارتفاع بشكل غير مسبوق، يعيش المغاربة على وقع أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، جعلت فئات واسعة من المواطنين عاجزة عن مواكبة تكاليف الحياة اليومية.
ورغم الوعود المتكررة لحكومة عزيز أخنوش، إلا أن الشارع المغربي لم يلمس أي تغيير ملموس، ما يزيد من حالة التذمر والاحتقان.
ارتفاع الأسعار واستنزاف القدرة الشرائية
منذ بداية الولاية الحكومية الحالية، لم تتوقف موجة الغلاء، بل ازدادت حدة، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية، المحروقات، النقل، وفواتير الماء والكهرباء.
ووفقًا لتقارير رسمية وغير رسمية، فإن معدل التضخم وصل إلى مستويات غير مسبوقة، ما أدى إلى استنزاف القدرة الشرائية للأسر المغربية، خصوصًا المتوسطة والفقيرة.
هذا الوضع دفع الكثير من الأسر إلى تقليص نفقاتها الأساسية، بما فيها التغذية، العلاج، والتعليم، مما يهدد التماسك الاجتماعي ويزيد من مظاهر الهشاشة.
حكومة أخنوش:وعود انتخابية في مهب الريح
عند توليها زمام السلطة، وعدت حكومة أخنوش بجعل "الدولة الاجتماعية" واقعا ملموسا، من خلال تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وإطلاق أوراش كبرى لخلق مناصب الشغل.
غير أن الواقع يكشف عن عجز واضح في تحقيق هذه الالتزامات، وسط انتقادات لاذعة تتهم الحكومة بالاهتمام بالمصالح الاقتصادية والمالية الكبرى على حساب الطبقات الشعبية.
ويبدو أن محاولة الحكومة امتصاص الغضب الاجتماعي عبر برامج الدعم المباشر، لم تحقق الأثر المرجو، نظرا لمحدوديتها مقارنة بحجم الغلاء، وللتعقيدات التي تعترض الأسر في الاستفادة منها.
أغلبية حكومية متصدعة ومعارضة برلمانية عاجزة
على الرغم من التماسك الظاهري بين مكونات الأغلبية الحكومية، المكونة من حزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب الاستقلال، وحزب الأصالة والمعاصرة، إلا أن المؤشرات السياسية الأخيرة تكشف عن خلافات عميقة بشأن تدبير السياسات العمومية، وتوزيع المناصب والمسؤوليات.
من جهة أخرى، تبدو المعارضة البرلمانية، بمختلف أطيافها، عاجزة عن لعب دورها الرقابي والتشريعي في مواجهة التحديات الحالية، وهو ما يضعف التوازن السياسي ويؤجج شعور المواطنين بفقدان الثقة في المؤسسات المنتخبة.
الشارع المغربي على صفيح ساخن
في ظل هذا السياق المحتقن، تتزايد الدعوات على منصات التواصل الاجتماعي لتنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات سلمية للمطالبة بإجراءات فورية لوقف نزيف الغلاء وتحسين الأوضاع الاجتماعية. ويخشى مراقبون من أن يستمر تراكم الاحتقان الشعبي، ما قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي يصعب احتواؤه.
هل من أفق للحل؟
يرى عدد من الخبراء أن تجاوز الأزمة الراهنة يقتضي تغييرًا جذريًا في السياسات العمومية، يضع المواطن في قلب الاهتمام، ويعتمد على رؤية اقتصادية واقعية تراعي العدالة الاجتماعية. كما أن الأمر يستدعي تحركا سياسيا عاجلا من الحكومة لإعادة بناء الثقة، واسترجاع المبادرة من خلال قرارات جريئة وشجاعة.
في المقابل، يطالب المواطنون، من مختلف الفئات، برفع اليد عن الأسعار، وتشديد المراقبة على الأسواق، وتوفير بدائل اقتصادية ملموسة تعيد التوازن للقدرة الشرائية.
في المحصلة، تبدو حكومة أخنوش أمام اختبار حقيقي لاستمراريتها ومصداقيتها، فإما أن تستجيب للمطالب الشعبية بإجراءات فعالة، أو تواجه خطر فقدان الشرعية الشعبية والسياسية قبل موعد انتخابات 2026.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك