أنتلجنسيا المغرب:حمان ميقاتي
بدأت ملامح الانكماش الاقتصادي تتسلل
إلى المشهد العالمي، في وقت تشتد فيه الضغوط على اقتصادات الدول الضعيفة وتترنح
فيه بعض أسواق أوروبا تحت وقع الحرب الجمركية الشرسة التي تقودها الولايات
المتحدة. هذه الحرب، التي تحمل في ظاهرها شعارات "حماية الاقتصاد
الوطني"، تخفي في باطنها كلفة باهظة تطال الحلفاء قبل الخصوم.
في أوروبا، بدأ التصعيد الأمريكي في
فرض الرسوم الجمركية على منتجات متعددة يُربك سلاسل الإمداد ويزيد من الضغوط
التضخمية، مما جعل بعض الشركات الصناعية والتجارية الكبرى تراجع حساباتها، بل
وتُعلن تقليص إنتاجها أو تسريح عمالها، في مؤشر واضح على بداية الركود. الاقتصاد
الأوروبي الذي لم يتعافَ بعد من تبعات الجائحة وجد نفسه محاصراً بين نار الحرب
التجارية وموجات الغلاء.
أما الدول الضعيفة، فوجدت نفسها في
مواجهة مباشرة مع تداعيات لا طاقة لها بها، حيث أصبحت تدفع ثمن التغيرات العالمية
دون أن تملك أدوات الحماية أو التفاوض، فالتضخم يلتهم القدرة الشرائية، وسعر صرف
العملات يتهاوى، والاستثمار الأجنبي يتراجع بفعل الضبابية وغياب الاستقرار
التجاري. هذه الدول أضحت الحلقة الأضعف في معركة لا ناقة لها فيها ولا جمل.
الحرب الجمركية الأمريكية تحولت إلى
سيف ذو حدين، إذ لا تقتصر أضرارها على الخصوم فقط، بل بدأت بوادر ارتدادها تصيب
حتى من يقف على خط الحلفاء. وقد يكون هذا الإنكماش الناشئ هو أول التحذيرات من
زلزال اقتصادي قادم، لا تعفي حدوده أحدًا، ولا تميز بين القوي والضعيف.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك