أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/مكتب إيطاليا
بقيادة طموحة واستراتيجية متينة، يرسخ
المغرب موقعه كفاعل رئيسي في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في إفريقيا، وذلك من
خلال ترؤسه للدورة الـ57 للجنة الاقتصادية لإفريقيا ومؤتمر وزراء المالية والتخطيط
والتنمية الاقتصادية الأفارقة. وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، جدد التأكيد على
التزام المملكة بدعم منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية باعتبارها بوابة نحو
اقتصاد أكثر تكاملاً واستدامة.
خلال كلمته في أديس أبابا، شدد الوزير على أن المنطقة الحرة ليست مجرد اتفاق قانوني، بل مشروع طموح يحمل آمال الملايين من أبناء القارة في مستقبل أكثر إشراقًا. وأوضح أن نجاح هذا المشروع يتطلب خطوات جريئة للتغلب على التحديات العالمية الحالية، داعيًا الدول الإفريقية إلى تعزيز سلاسل القيمة المحلية للحد من الاعتماد على تصدير المواد الخام واستيراد السلع المصنعة.
بفضل سياساته الصناعية الرائدة، نجح
المغرب في إثبات قدرته على تحقيق قفزات نوعية في القطاعات الاستراتيجية. ففي مجال
الأسمدة، باتت المملكة تنتج أكثر من خمس الاحتياجات العالمية، مما عزز أمن القارة
الغذائي. كما أصبحت البلاد مركزًا إفريقيًا لصناعة السيارات، مع مشاريع ثورية مثل
مبادرة التنقل الكهربائي التي تربط المغرب بزامبيا والكونغو الديمقراطية.
أكد الوزير أن مستقبل إفريقيا يعتمد
على التصنيع المستدام وضمان السيادة الصناعية، مشيرًا إلى أن الطاقات المتجددة
تمثل 45% من مزيج الطاقة في المغرب، ما يعكس التزامه بتطوير اقتصاد أخضر ومستدام.
ودعا إلى تبني نموذج اقتصادي قائم على الطاقات المتجددة لتعزيز الاستقلال الطاقي
في القارة.
لم تقتصر رؤية المغرب على الجانب
الصناعي فحسب، بل شملت أيضًا التحول الرقمي، حيث نجحت المملكة في تطوير خدمات
حكومية رقمية وتمكين الشركات الناشئة، ما يوفر نموذجًا يمكن تعميمه في مختلف أنحاء
القارة الإفريقية لدفع عجلة الابتكار والتنمية.
إلى جانب ذلك، كشف مزور عن فجوة
البنية التحتية التي تعاني منها إفريقيا، والتي تكلفها حوالي 2% من ناتجها المحلي
الإجمالي سنويًا. واقترح إنشاء صندوق مخصص للبنية التحتية لمنطقة التجارة الحرة،
يُموّل مشاريع الموانئ والسكك الحديدية وشبكات الطرق، مما يسهم في ربط الأسواق
الإفريقية بفعالية وتعزيز التجارة البينية.
شدد الوزير على أن التكامل الاقتصادي
لن يكون كاملاً إلا إذا شمل جميع الفئات، بما في ذلك النساء والشباب والمزارعين،
عبر دعم الزراعة الذكية مناخيًا وتعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ورأى أن هذه
التدابير ستسهم في بناء اقتصاد أكثر شمولًا وعدالة.
التعاون مع المؤسسات المالية الكبرى،
مثل البنك الإفريقي للتنمية والقطب المالي للدار البيضاء، سيكون مفتاحًا لتعبئة
الاستثمارات اللازمة لسد الفجوات التمويلية، ما يعزز مكانة إفريقيا كلاعب رئيسي في
الاقتصاد العالمي.
في ختام كلمته، وجه الوزير رسالة قوية
تؤكد أن إفريقيا تستحق أكثر من الحدود المصطنعة التي خلفها الاستعمار، داعيًا إلى
بناء قارة موحدة بلا قيود، حيث تتحقق الرفاهية والازدهار لجميع شعوبها.
ترؤس المغرب لهذه الدورة يعكس مدى
الثقة التي تحظى بها المملكة داخل القارة، ويضعها في مقدمة الدول التي تقود الجهود
نحو تحقيق التكامل الاقتصادي الإفريقي. كما يأتي استعدادًا لاستضافة الدورة الـ58
في مارس 2026، حيث سيواصل المغرب الدفع بأجندة التنمية والتحول الاقتصادي للقارة نحو
مستقبل أكثر ازدهارًا واستقلالية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك