من يمول من؟حكومة تستدين..وشعب يسدد..وأزمة بلا حلول!

من يمول من؟حكومة تستدين..وشعب يسدد..وأزمة بلا حلول!
ديكريبتاج / الاثنين 24 مارس 2025 - 03:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير

في مغرب اليوم، لم يعد الاقتراض مجرد وسيلة لسد العجز المالي، بل أصبح استراتيجية قائمة بذاتها، وكأن الاقتصاد الوطني تحول إلى "مشروع صغير" يُدار بقروض البنك الدولي، بينما الحكومة تلعب دور "الزبون الدائم"، والمواطن، كالعادة، هو "الضامن" الذي يتحمل العواقب دون استشارته!

تخيلوا معي أن المغرب يحمل بطاقة ائتمانية بلا حدود، يسحب منها المليارات في كل مرة تعلن الحكومة عن "إصلاح جديد" أو "مشروع تنموي طموح". 

لكن كما هو معروف، أي بطاقة ائتمانية لها مستفيد، فمن هو يا ترى؟ المواطن الذي يعيش تحت ضغط الأسعار والضرائب؟ أم الطبقة السياسية التي يبدو أنها وحدها تجيد استثمار هذه الأموال في "تنمية" حساباتها البنكية؟

الأمر أشبه برجل يطلب قرضًا لبناء بيت لأسرته، لكن بدلاً من ذلك، يصرف المال على حفلات فاخرة وسفر إلى جزر بعيدة، ثم يعود ليطلب قرضًا آخر لأنه لم يعد يملك شيئًا! هذا بالضبط ما يحدث، فالحكومة تقترض بحجة التنمية، ثم تجد نفسها بحاجة إلى قرض آخر لأن الديون تلتهم كل شيء، بينما المواطن لا يرى من التنمية سوى ارتفاع الأسعار وخفض الدعم.

البنك الدولي لا يعطي المال مجانًا، فهو ليس جمعية خيرية ولا "خالة حْنينة"، بل مؤسسة مالية تعرف كيف تستعيد أموالها مضاعفة. 

القروض التي يأخذها المغرب تُمنح بشروط، أهمها "إصلاحات اقتصادية"، لكن هذه الإصلاحات غالبًا ما تكون عبارة عن تقليص الدعم، رفع الضرائب، وزيادة الأسعار، مما يعني أن المواطن العادي هو من يدفع الفاتورة، بينما المسؤولون يواصلون حياتهم برفاهية تامة، وكأن الأزمة تخص كوكبًا آخر.

وهنا نطرح السؤال الأهم: لماذا لا نرى أي مسؤول يعيش الضائقة الاقتصادية التي يعيشها المواطن؟ هل لديهم عملة سرية غير الدرهم؟ أم أن الأزمة الاقتصادية تملك "ذوقًا سياسيًا" فلا تقترب إلا من الفقراء؟

الحكومة تُسوّق الأحلام والمواطن يشتري الأوهام

كلما ازداد الاقتراض، زادت الوعود الرسمية ببرامج تنموية ضخمة، مشاريع كبرى، ونهضة اقتصادية وشيكة. 

لكن مع مرور الوقت، لا يرى المواطن سوى قوائم أسعار ترتفع، وضرائب تتضاعف، وخدمات عمومية تتراجع.

إذا كان الاقتراض بهذا النفع، فلماذا لم نصل بعد إلى مصاف الدول المتقدمة؟ لماذا لم تتحول مدننا إلى عواصم اقتصادية كبرى؟ لماذا لا يزال الشباب يفضل الهروب إلى الخارج بدل الاستثمار في وطنه؟

ربما لأننا لسنا أمام تنمية حقيقية، بل أمام "عروض ترويجية" تشبه تلك التي تقدمها بعض الشركات: "اشترِ الآن وادفع لاحقًا"، فقط في حالتنا، الحكومة تشتري والمواطن هو الذي يدفع!

الأمر أشبه بشخص يدمن التسوق بالبطاقات الائتمانية، يعتقد أنه يمكنه مواصلة الحياة بالاقتراض دون التفكير في كيفية السداد. لكن في النهاية، سيأتي البنك ليطالب بأمواله، وهنا تكمن الكارثة.

المغرب اليوم بحاجة إلى سياسة مالية جديدة قائمة على خلق الثروة بدل استهلاكها، على الاستثمار في الإنتاج بدل الارتهان للقروض، وعلى محاربة الفساد بدل تحميل المواطن تكاليف سوء التدبير.

وإلا، فقد نصل إلى مرحلة يُعرض فيها المغرب في المزاد العلني، حيث يدخل البنك الدولي كـ"أكبر دائن"، والحكومة كـ"وسيط مالي"، والمواطن كـ"المنتج المجاني" الذي يُدفع به للعمل أكثر مقابل خدمات أقل، وحقوق أقل، ومستقبل مرهون بالديون.

فهل ستستمر الحكومة في "التسوق" من البنك الدولي حتى يأتي يوم تُعلن فيه أن القروض نفدت، وأن الحل الوحيد هو بيع ما تبقى من السيادة الوطنية؟ أم أننا سنصحو قبل فوات الأوان؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك