أنتلجنسيا المغرب:أبو جاسر
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية لسنة 2026، تتزايد المؤشرات السياسية التي تعكس هشاشة التحالف الثلاثي المشكل للحكومة المغربية الحالية، بقيادة رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
فبعد سنوات من تشكيلها، تبدو بوادر التصدع والانقسام تلوح في أفق التحالف الذي يجمع بين حزب التجمع الوطني للأحرار، حزب الاستقلال، وحزب الأصالة والمعاصرة.
تشققات في جدار التحالف الثلاثي
رغم محاولات قادة الأغلبية الحاكمة الترويج لصورة منسجمة ومتجانسة للحكومة، فإن الواقع السياسي يشير إلى خلافات متزايدة خلف الكواليس، بدأت تطفو على السطح من خلال تصريحات متضاربة وتلميحات صادرة عن قياديين داخل مكونات التحالف.
حزب الاستقلال، وهو أحد الأضلاع الثلاثة للتحالف، شهد في الآونة الأخيرة خروج عدد من قيادييه بتصريحات منتقدة لسياسات الحكومة، خاصة في ما يتعلق بالتدبير الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب التهميش الذي يشعر به عدد من مناضليه داخل الأغلبية. هذه التصريحات، وإن كانت مغلفة في كثير من الأحيان بلغة دبلوماسية، إلا أنها تشير إلى تململ داخلي يصعب تجاهله.
حزب الأصالة والمعاصرة..حضور باهت وخلافات مؤجلة؟
أما حزب الأصالة والمعاصرة، فقد أظهر انضباطا سياسيا أكبر، لكن مصادر سياسية تؤكد وجود تيارات داخلية غير راضية عن موقع الحزب داخل التحالف، لا سيما على مستوى توزيع المسؤوليات الحكومية والبرامج ذات الأولوية. هذه التيارات تخشى أن يؤدي استمرار الوضع الحالي إلى تآكل القاعدة الانتخابية للحزب، خاصة إذا استمر في لعب دور المساند دون تأثير فعلي في التوجهات الكبرى للحكومة.
قيادة أخنوش تحت المجهر
في قلب هذا الوضع، يجد عزيز أخنوش نفسه أمام تحديات متنامية في الحفاظ على تماسك التحالف. فبينما يواجه انتقادات من المعارضة بشأن عدد من الملفات الاجتماعية والاقتصادية، تتزايد الضغوط داخلية أيضا لضبط إيقاع الأغلبية وضمان بقاء الحلفاء على نفس الخط.
أداء الحكومة في ملفات حساسة كارتفاع الأسعار، إصلاح التعليم، والنظام الصحي، لا يزال يثير الكثير من الجدل، ما يزيد من صعوبة المهمة أمام رئيس الحكومة الذي يراهن على استمرارية التحالف لخوض غمار انتخابات 2026 بقوة.
انتخابات 2026..اختبار حاسم للتحالف
كل هذه المعطيات تجعل من الاستحقاق الانتخابي المقبل محطة حاسمة لمصير التحالف الحكومي الحالي. فمع ارتفاع حدة المنافسة السياسية، وعودة وجوه سياسية بارزة للاستعداد للمعركة، من المرجح أن تضعف حسابات الربح والخسارة منطق التضامن الحكومي، ليحل محله منطق الاصطفاف الانتخابي.
الأسابيع والشهور المقبلة ستكون كفيلة بإظهار مدى قدرة التحالف الثلاثي على تجاوز خلافاته الداخلية، أم أنه سيكون ضحية منطق التجاذبات والمصالح الحزبية الضيقة، ما قد يهدد استقراره ويغير ملامح الخريطة السياسية بالمغرب في أفق 2026.
خلاصة القول،التحالف الحكومي، وإن بدا متماسكا على المستوى الظاهري، إلا أنه يواجه تحديات حقيقية تهدد بتمزق نسيجه الداخلي. ومع تصاعد المؤشرات الدالة على تباينات عميقة في الرؤى والمواقف، تبدو حكومة أخنوش أمام امتحان صعب في الحفاظ على تماسكها حتى موعد الانتخابات المقبلة، حيث قد تكون بعض الأحزاب أكثر استعدادا للتحالفات الجديدة من الدفاع عن التحالف الحالي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك