أنتلجنسيا المغرب:أبو جاسر
في خطوة تعكس الثقة الدولية في التجربة الحقوقية المغربية، تم انتخاب أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على رأس التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وذلك بإجماع الأعضاء.
هذا الحدث يشكل تتويجًا لمسار طويل من العمل الحقوقي الجاد الذي راكمته بوعياش داخل المغرب وعلى المستوى الدولي، كما يعزز مكانة المملكة كفاعل رئيسي في الدينامية الحقوقية العالمية.
ويأتي هذا الانتخاب في سياق تتزايد فيه التحديات المرتبطة بحقوق الإنسان على المستوى الدولي، حيث تتصاعد الأزمات الإنسانية، وتتفاقم الانتهاكات في العديد من بؤر التوتر، مما يجعل دور التحالف العالمي أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وقد شكلت رئاسة بوعياش لهذه الهيئة الحقوقية العالمية محطة بارزة في مسارها، بالنظر إلى خبرتها الطويلة في الدفاع عن القضايا الحقوقية، سواء من خلال موقعها في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أو عبر مسارها النضالي في منظمات المجتمع المدني.
يُنظر إلى هذا التتويج على أنه اعتراف بالمجهودات التي يبذلها المغرب في مجال حقوق الإنسان، خصوصًا خلال السنوات الأخيرة التي عرفت إصلاحات مهمة على مستوى التشريعات والمؤسسات المعنية بحماية الحريات وضمان كرامة الأفراد. ورغم التحديات التي تواجه العمل الحقوقي، فإن المغرب ظل يسعى إلى ترسيخ أسس العدالة الاجتماعية والمساواة، وهي المبادئ التي تبنتها أمينة بوعياش طوال مسيرتها، سواء في رئاسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان سابقًا، أو في إشرافها الحالي على المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
انتخاب بوعياش يأتي أيضًا ليؤكد على حضور المغرب في الساحة الحقوقية الدولية، حيث باتت المملكة تحظى بمكانة متقدمة داخل المنظمات الحقوقية العالمية، بفضل دبلوماسيتها النشطة التي تقوم على الحوار والانفتاح والتعاون مع مختلف الفاعلين. كما أن قيادتها للتحالف العالمي يفتح أمام المغرب آفاقًا جديدة لتعزيز حضوره في القضايا الحقوقية الدولية، خصوصًا تلك المرتبطة بالمساواة بين الجنسين، وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وكذا الدفاع عن حقوق المهاجرين واللاجئين.
لكن في المقابل، يطرح انتخاب بوعياش تحديات كبيرة، خاصة في ظل التوترات الحقوقية التي يعيشها العالم، والانتقادات التي تطال أداء بعض المؤسسات الحقوقية الدولية. فقيادتها للتحالف العالمي ستضعها أمام مسؤوليات جسيمة في الدفاع عن المبادئ الحقوقية الكونية، والتوفيق بين المقاربات المختلفة للدول الأعضاء، وضمان استقلالية القرار الحقوقي في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي قد تؤثر على عمل هذه المؤسسة.
ومع هذا المنصب الجديد، ستكون بوعياش مطالبة بتعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان كجسر بين الحكومات والمجتمعات، وضمان أن تبقى هذه المؤسسات فاعلة في الدفاع عن حقوق الأفراد، خصوصًا في سياقات تتسم بعدم الاستقرار السياسي والأزمات الإنسانية المتزايدة. كما أن رئاستها للتحالف العالمي ستمنحها فرصة للدفع نحو إصلاحات داخل المنظمة، وتعزيز آليات العمل والتنسيق بين الدول الأعضاء، بما يخدم قضايا حقوق الإنسان على المستوى الدولي.
إن انتخاب أمينة بوعياش على رأس التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ليس فقط نجاحًا شخصيًا لها، بل هو انتصار للدبلوماسية الحقوقية المغربية، ورسالة واضحة على أن التجربة الحقوقية في المغرب تحظى باعتراف دولي. ورغم التحديات التي تواجهها هذه التجربة، فإن هذا التتويج يعكس الثقة في مسار الإصلاحات الذي تبنته المملكة، ويؤكد أن المغرب قادر على أن يكون نموذجًا في الدفاع عن الحقوق والحريات في المنطقة والعالم.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك