بلد بحرين.. وأسماك لا تُستهلك!" المغاربة يعانون من غلاء السمك وحكومة أخنوش خارج التغطية

بلد بحرين.. وأسماك لا تُستهلك!" المغاربة يعانون من غلاء السمك وحكومة أخنوش خارج التغطية
ديكريبتاج / الأحد 23 فبراير 2025 - 14:30 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أبو جاسر

في بلد يمتد على واجهتين بحريتين، الأطلسي والمتوسطي، بمسافة تتجاوز 3500 كلم، ويعد من أكبر مصدري الأسماك في العالم، يصبح من الصادم أن يجد المواطن المغربي صعوبة في استهلاك السمك بسبب ارتفاع أسعاره الجنونية. وفقًا لأحدث استطلاع للرأي، فإن 38% فقط من المغاربة يستهلكون السمك مرة واحدة في الأسبوع، وهي نسبة تعكس مدى العجز الذي يعيشه المواطن في الحصول على هذا المورد البحري الأساسي، الذي يُفترض أن يكون متاحًا بكثرة وبأثمان معقولة.

أسماك المغرب تُباع أرخص في أوروبا!

رغم أن المغرب يعد واحدًا من أهم مصدري الأسماك عالميًا، حيث يحتل مراتب متقدمة في إنتاج السردين، الأخطبوط، والتونة، إلا أن أسعاره في الأسواق المحلية تفوق أحيانًا أسعارها في الأسواق الأوروبية. مشهد غريب لكنه واقع ملموس، حيث يجد المغربي أن شراء السمك في بلاده بات يُكلفه أكثر مما يدفعه مواطن أوروبي لشراء نفس المنتوج المغربي في مدن كمدريد وباريس وبروكسيل!

في الأسواق الأوروبية، تُباع بعض الأنواع من السمك المغربي بثمن أقل مما يُباع به داخل البلاد. كيف يُعقل أن يحصل المواطن الإسباني أو الفرنسي على الأخطبوط المغربي بسعر أقل من المواطن المغربي؟ إنه سؤال يُفضح السياسات الحكومية العاجزة عن ضبط الأسعار أو التدخل لوقف النزيف الذي يُحوّل الثروات البحرية إلى منتوج موجه فقط للأسواق الخارجية، فيما يُترك المواطن المغربي أمام خيارين أحلاهما مُر: إما شراء السمك بأثمان باهظة، أو الاستغناء عنه تمامًا من مائدته اليومية.

حكومة أخنوش.. الغائبة عن هموم المواطن

رغم الاحتجاجات الشعبية المتكررة حول ارتفاع الأسعار، فإن حكومة عزيز أخنوش لم تتخذ أي إجراءات حقيقية لضبط أسعار السمك، تمامًا كما هو الحال مع باقي المواد الغذائية الأساسية التي شهدت ارتفاعًا غير مسبوق. الحديث عن "آليات السوق" و"العرض والطلب" بات مجرد شماعة تعلق عليها الحكومة فشلها في ضبط الأسعار، بينما تستمر شركات الصيد البحري الكبرى في تصدير معظم الإنتاج نحو الخارج، بحثًا عن أرباح ضخمة على حساب المستهلك المغربي.

ما يزيد الطين بلة، هو أن الفساد وغياب الرقابة في القطاع البحري يساهمان في ارتفاع الأسعار، حيث يتم تصدير الأسماك إلى الخارج بأثمان معقولة، بينما تفرض المضاربات والوسطاء أثمانًا خيالية على السوق الداخلية. كل هذا يحدث في ظل غياب تدخل حكومي جاد لفرض إجراءات تحمي القدرة الشرائية للمغاربة، وتُعيد الاعتبار لحقهم في استهلاك الثروات البحرية لبلدهم.

من المستفيد من ارتفاع الأسعار؟

الواضح أن المواطن المغربي ليس هو المستفيد من هذه الوضعية، بل العكس تمامًا. الفئة الوحيدة المستفيدة هي شركات التصدير والمضاربين، الذين يحققون أرباحًا ضخمة، في حين يظل المغربي يُعاني أمام أسواق تعرض له منتوجًا بحريًا بثمن لا يتناسب مع دخله اليومي.

وبينما يفترض أن يكون السمك متاحًا لجميع المغاربة بأسعار معقولة، فإن الغلاء جعل استهلاكه رفاهية غير متاحة للكثيرين، بل أصبح البعض يعتبره منتوجًا كماليًا على غرار اللحوم الحمراء، رغم أن المغرب يتمتع بواحدة من أغنى الثروات السمكية في العالم.

هل هناك حلول؟

لحل هذه الأزمة، لابد من:

فرض إجراءات صارمة للحد من المضاربة والاحتكار داخل السوق الداخلية.

إعادة النظر في سياسة التصدير، بحيث يتم ضمان تزويد السوق المحلية أولًا قبل توجيه الإنتاج نحو الخارج.

إقرار دعم حكومي على بعض أنواع السمك الأساسية حتى تصبح في متناول الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

تشديد الرقابة على الوسطاء والسماسرة الذين يرفعون الأسعار بشكل غير منطقي.

إعادة هيكلة سوق الجملة وضمان تسويق السمك مباشرة من المنتج إلى المستهلك، دون وسطاء يرفعون الأثمان.

حكومة بلا رؤية ومواطن بدون بدائل

الوضع الحالي يعكس بوضوح أن السياسات الحكومية لا تخدم مصلحة المواطن، بل تفتح المجال أمام اللوبيات المسيطرة على القطاع البحري لتحقيق أرباح على حساب الشعب. في النهاية، يبقى المغربي محروما من خيرات بلاده، بينما يستمتع الأوروبيون بأكل سمك المغرب بأسعار أقل مما يدفعه أصحاب الأرض.

إن استمرار الحكومة في التجاهل التام لهذه القضية دون تدخل جاد، سيُكرّس المزيد من الغضب الشعبي، وسيُفاقم الأزمة المعيشية لملايين الأسر المغربية التي كانت تعتمد على السمك كمصدر بروتين رئيسي، لكنها باتت اليوم تُضطر للاستغناء عنه أمام غلاء الأسعار وغياب الحلول.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك