أنتلجنسيا المغرب:الرباط
في ظل تسارع الأحداث السياسية والاجتماعية في المغرب، يطفو على السطح سؤال محوري: أين هي النقابات من الهجمة الحكومية على حقوق الأجراء والموظفين؟ فبينما مرّر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، جزءًا من إصلاح صندوق التقاعد وسط تواطؤ الصمت أو العجز النقابي، ها هو رئيس الحكومة الحالي، عزيز أخنوش، يواصل تنفيذ باقي المخطط دون أن تبدو أي مقاومة فعلية من قِبَل الهيئات النقابية الكبرى، وعلى رأسها الاتحاد المغربي للشغل برئاسة الميلودي مخاريق.
تاريخ من التردد أم تكتيك نقابي؟
لطالما كانت النقابات في المغرب تُوصف بكونها "الحصن الأخير" لحماية حقوق الشغيلة، لكن خلال السنوات الأخيرة، تراجع زخمها النضالي بشكل ملحوظ. خلال حقبة بنكيران، مرَّرت الحكومة إصلاح التقاعد الذي رفع سن التقاعد وقلَّص المعاشات دون أي مواجهة شرسة من النقابات، مكتفية ببعض الإضرابات المحدودة التي لم تؤثر على القرار الحكومي.
واليوم، مع استمرار الحكومة الحالية في استكمال هذا المخطط الذي يهدد مصالح آلاف الموظفين والأجراء، يتساءل كثيرون: هل استسلمت النقابات أم أنها تكتفي بالمشاهدة؟ وهل من الممكن أن تتحرك في اللحظة الأخيرة لتعيد التوازن إلى المشهد الاجتماعي؟
موقف الاتحاد المغربي للشغل: هل هناك خطة مواجهة؟
لم يصدر عن الاتحاد المغربي للشغل أي موقف تصعيدي قوي إزاء القرارات الحكومية الأخيرة، رغم الاحتقان الاجتماعي المتزايد. فبينما تؤكد الحكومة أن إصلاحاتها ضرورية لضمان التوازنات المالية، يرى الأجراء أن هذه التعديلات ستفاقم أوضاعهم المعيشية وتزيد من معاناتهم.
الميلودي مخاريق، المعروف ببراغماتيته السياسية، لم يدعُ حتى الآن إلى تعبئة واسعة، مكتفيًا بخطابات توجيهية حول ضرورة الحوار الاجتماعي. لكن السؤال المطروح: هل الحوار كافٍ عندما تكون الحكومة ماضية في قراراتها دون اعتبار لمطالب الشغيلة؟
هل هناك أمل في تعبئة جديدة؟
مع استمرار الغضب الشعبي وتزايد الضغوط على الفئات المتوسطة والضعيفة، يبدو أن الحاجة باتت ملحة لتحرك نقابي قوي يضغط على الحكومة لإعادة النظر في سياساتها. فالنقابات مطالبة اليوم بتجاوز منطق البيانات الصحفية إلى خطوات أكثر جدية، كتنظيم إضرابات عامة ومسيرات احتجاجية قد تعيد التوازن للقوة التفاوضية بين الحكومة والطبقة العاملة.
السؤال المطروح إذن: هل ستبادر النقابات إلى المواجهة أم ستواصل انتظار ما سيفعله الشارع؟ وهل يمكن أن يكون التصعيد هو الورقة الأخيرة لاستعادة الدور الحقيقي للنقابات في المغرب؟ الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد المسار الذي ستسلكه هذه التنظيمات، إما نحو نضال يعيد لها شرعيتها، أو نحو مزيد من الانزواء الذي سيؤدي إلى فقدان ثقة الشغيلة بها نهائيًا.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك