الذكاء الاصطناعي في المغرب..بين التفاؤل بالمستقبل والمخاوف من المخاطر

أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر

كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (CESE) عن نتائج استطلاع موسع حول الذكاء الاصطناعي في المغرب، أظهر اهتمامًا واسعًا لدى المغاربة بالإمكانات التي يوفرها هذا المجال، مع تباين في الآراء حول المخاطر المحتملة. هذا التقرير يسلط الضوء على أهم نتائج الاستطلاع، وكيف ينظر المغاربة إلى الذكاء الاصطناعي، وما هي التحديات التي تواجه دمجه في مختلف القطاعات الحيوية.

تفاؤل واسع بإمكانيات الذكاء الاصطناعي

أظهرت نتائج الاستطلاع أن 84.8% من المشاركين يرون أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُحدث ثورة إيجابية في الحياة اليومية، خاصة في مجالات مثل التعليم والصحة والخدمات العامة. هذا التفاؤل يعكس وعيًا متزايدًا لدى المغاربة بأهمية التكنولوجيا في تحسين جودة الحياة، وفتح آفاق جديدة للتطور الاقتصادي والاجتماعي.

قطاع التعليم يأتي في مقدمة المجالات التي يرى المغاربة أن الذكاء الاصطناعي قادر على إحداث فرق كبير فيها، سواء عبر تحسين طرق التدريس، أو من خلال تطوير أدوات تعليمية أكثر ذكاءً وتفاعلية. أما في القطاع الصحي، فالتوقعات عالية فيما يخص تحسين التشخيص الطبي وتوفير خدمات صحية أكثر دقة وسرعة.

استخدام واسع رغم حداثة التجربة

كشف الاستطلاع أن 71.5% من المستجوبين سبق لهم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، خصوصًا مولدات النصوص مثل ChatGPT. هذا الرقم يعكس انتشارًا ملحوظًا لاستخدام هذه التكنولوجيا في الحياة اليومية، سواء لأغراض مهنية أو تعليمية أو حتى للترفيه.

اللافت أن هذا الانتشار لا يقتصر على فئة عمرية محددة، بل يشمل مختلف الشرائح المجتمعية، مما يشير إلى تعطش المغاربة لمواكبة التطورات التكنولوجية والاستفادة منها في مختلف جوانب حياتهم.

المخاطر المحتملة: قلق بشأن التنظيم والحكامة

رغم هذا التفاؤل، فإن 51.7% من المشاركين في الاستطلاع عبروا عن مخاوفهم من المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، خصوصًا في ظل غياب تنظيم مناسب لهذا المجال.

المخاوف تتركز حول قضايا مثل الخصوصية، وأمن البيانات، واحتمالية استغلال الذكاء الاصطناعي بطرق غير أخلاقية، مثل التلاعب بالمعلومات أو التجسس. كما أن هناك قلقًا من تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، وإمكانية استبدال بعض الوظائف التقليدية بالتكنولوجيا الحديثة.

توصيات المجلس: نحو حكامة أفضل وإدماج الذكاء الاصطناعي في التعليم

بناءً على نتائج هذا الاستطلاع، خلص المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى ضمان استخدام فعال وآمن للذكاء الاصطناعي في المغرب.

أبرز هذه التوصيات تشمل:

تعزيز الحكامة الرقمية ووضع إطار تنظيمي واضح يضمن استخدامًا مسؤولًا للذكاء الاصطناعي.

تحسين البنية التحتية الرقمية لتكون قادرة على استيعاب تطورات هذه التكنولوجيا.

إدماج الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية، من أجل إعداد الأجيال القادمة للتعامل مع هذه الثورة التكنولوجية بوعي وكفاءة.

المغرب أمام فرصة تاريخية

مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي، يجد المغرب نفسه أمام فرصة تاريخية للاستفادة من هذه التكنولوجيا في دفع عجلة التنمية وتحسين جودة الحياة. لكن لتحقيق ذلك، لا بد من مواجهة التحديات المرتبطة بالحكامة، وضمان استخدام آمن ومسؤول لهذه التقنيات، بما يحقق التوازن بين الاستفادة من الفرص وتجنب المخاطر المحتملة.

يبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن المغرب من مواكبة هذه الثورة التكنولوجية وتهيئة بيئة ملائمة للاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.