رئيس الجزائر يصوّت بجواز سفر فرنسي..ازدواجية الولاء أم استهتار بالسيادة الوطنية؟

رئيس الجزائر يصوّت بجواز سفر فرنسي..ازدواجية الولاء أم استهتار بالسيادة الوطنية؟
ديكريبتاج / الأربعاء 15 يناير 2025 11:00:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

في مشهد أثار جدلاً واسعاً داخل الجزائر وخارجها، تداولت تقارير إعلامية أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون استخدم جواز سفر فرنسياً للتصويت في إحدى الاستحقاقات الانتخابية، وهو ما يُسلط الضوء على تساؤلات كبرى بشأن الهوية الوطنية والاستقلالية السياسية في بلد يُعرف بنضاله الطويل ضد الاستعمار الفرنسي.

هذه الواقعة، التي لم تُنكرها الجهات الرسمية ولم تؤكدها بشكل مباشر، جاءت في سياق سياسي متوتر، حيث تتزايد الانتقادات للنظام الجزائري بشأن إدارة شؤون البلاد داخلياً وخارجياً.

وبالنظر إلى حساسية العلاقة التاريخية بين الجزائر وفرنسا، يُعتبر أي ارتباط رسمي بشخصيات سياسية بجنسية أو وثائق فرنسية مصدر قلق شعبي وسياسي.

ازدواجية الولاء بين الواقع والمبدأ

امتلاك مسؤول سياسي لجنسية أو وثيقة أجنبية ليس بالأمر الجديد في العالم. لكن في الجزائر، التي تحمل جروحاً عميقة من الحقبة الاستعمارية، يُنظر إلى هذه الحالات على أنها تمس بالكرامة الوطنية وتثير شكوكاً حول الولاء الحقيقي للمسؤولين.

الرئيس تبون، الذي وصل إلى السلطة في ظل حراك شعبي يطالب بالتغيير الجذري، يُواجه الآن تحدياً جديداً يُهدد شرعيته الأخلاقية والسياسية. فبينما يُطالب الجزائريون بحكومة مستقلة تحافظ على مصالح البلاد، تُبرز هذه الواقعة صورة متناقضة لمسؤولين يطالبون بالسيادة من جهة، ويُشاركون بجوازات سفر فرنسية من جهة أخرى.

أبعاد سياسية ودبلوماسية

استمرار تأثير فرنسا في الجزائر ليس بالأمر الخفي، سواء من خلال العلاقات الاقتصادية أو النفوذ الثقافي والسياسي. لكن استخدام جواز سفر فرنسي من قِبل رئيس البلاد يُثير تساؤلات حول استقلال القرار السياسي في الجزائر ومدى نفوذ القوى الخارجية على النظام الحاكم.

هذا الأمر يضع النظام الجزائري في موقف دفاعي، خصوصاً مع ازدياد الاحتقان الشعبي تجاه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. فالجزائر تُواجه أزمات متلاحقة من بطالة مرتفعة، وتراجع في الخدمات العامة، واتهامات متكررة بفساد النخبة الحاكمة.

صمت رسمي وتأجيج شعبي

ورغم انتشار الأخبار عن الواقعة، التزمت السلطات الجزائرية الصمت التام، ما زاد من حدة الشكوك وأثار حفيظة الجزائريين. فالصمت الرسمي يُعتبر في مثل هذه الحالات بمثابة اعتراف ضمني، خصوصاً مع غياب أي توضيحات تُبرئ الموقف أو تُزيل اللبس.

في الشارع الجزائري، لم تمر هذه الأنباء مرور الكرام. فقد زادت من انعدام الثقة بين المواطنين والنظام السياسي، وأعادت إلى الأذهان صوراً لمسؤولين يتحدثون عن الوطنية بينما يعيشون حياة مرفهة بجنسيات أجنبية، تاركين المواطن العادي يُكافح يومياً مع الأزمات المتراكمة.

تداعيات على مستقبل النظام

هذه الواقعة، التي تحمل أبعاداً رمزية وسياسية عميقة، قد تكون نقطة تحول في نظرة الشعب الجزائري لنظامه السياسي.

ففي بلد يُعاني من احتقان داخلي وتوترات خارجية، يُعتبر أي تصرف يُشير إلى ازدواجية الولاء بمثابة خيانة للثقة الشعبية.

وفي ظل هذه الظروف، يبقى السؤال المطروح: كيف يمكن لنظام يُفترض أنه يمثل الشعب أن يُبرر موقفاً كهذا؟ وهل يُمكن أن يُعيد هذا الحدث النقاش حول طبيعة العلاقة بين السلطة والنفوذ الأجنبي؟

في نهاية المطاف، قد تكون هذه الواقعة واحدة من الأحداث التي تُبرز الحاجة الملحة لإصلاحات سياسية جذرية في الجزائر، تُعيد بناء الثقة بين الشعب والقيادة، وتُعزز من سيادة القرار الوطني بعيداً عن أي تأثيرات خارجية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك