الشر المطلق من منظور طه عبد الرحمن..ملاحظات نقدية

الشر المطلق من منظور طه عبد الرحمن..ملاحظات نقدية
ديكريبتاج / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

intelligentcia-أنتلجنسيا:ندية عطية  أتذكر أنني بدأت أبحث في الديكولونيالية منذ أكثر من أربع سنوات وكان الأمر شاقا لأن المراجع غير متوفرة، السبب كان هو أنني أيقنت بعد 2011 ومآلاتها أن معركة التغيير لا يمكن فصلها بتانا عن معركة نزع الاستعمار وان التدخل الخارجي لهندسة مصير الشعوب هو الأخطر. لكنني لم أفصل معركة نزع الاستعمار عن القابلية للاستعمار وهنا ضرورة النقد المزدوج. لماذا أقول هذا الكلام؟ لأني لاحظت مع العدوان الهمجي على عزة والأمر طبيعي ما لا اجرؤ على تسميته صحوة ديكولونيالية لأن هذا ما حاولت التنبيه له ونقده بالذات. تلك الديكولونيالية المقتصرة على النقد الاخلاقي للغرب وللحداثة. تلك الديكولونيالية بالذات التي تخدم نظرية صراع الحضارات والثقافات وتنعش الاصوليات وبالتالي فهي أكبر خادم للاستعمار وإن ادعت غير ذلك. يُحسب لطه عبد الرحمان خرجته لإدانة ما يجري ولاستنهاض الفعل المقاوم التحرري في عزة، لكنه وللأسف يبدأ محاضرته بالاقتصار على المعالجة الفكرية وليس المعالجة السياسية لأن دموعه ستنهمر كما يقول لكن في تصوري هو أصلا عاجز عن المعالجة السياسية لأن أي معالجة سياسية (ولا يمكن فصل الفكر عن السياسة) ستنسف مشروعه النقدي الأخلاقي. زعجني طه عبد الرحمان بلغته،وأنا قد تعلمت في لغة الرياضيات الدقة واستعمال الكلمات القليلة المناسبة للتركيز على عمق الفكرة، الفكرة وفقط. لا شيء في الرياضيات يقال هكذا ولا مكان لكلمة لا تؤدي دورا معينا وكبيرا، لكن مع طه يتهيأ لك ان هدفه هو إنتاج الكلام وكلمات جديدة بدل مفاهيم كديدة كما يقول. يرى طه عبد الرحمان أن الإنسان العزاوي يواجه الشر المطلق وهذا صحيح لكن الاختلاف في مفهوم الشر المطلق الذي عارضه مع الشر الأقصى لكانطوالشر المبتذل لحنة أردنت. الشر المطلق لا يوصف في نظره لأنه يقابل الكمال المطلق وهو كمال الذات الإلهية. الشر المطلق يهدف إلى الإبادة الجذرية أي هدم الفطرة والأمانة والمواثقة. باختصار شديد وحتى لا نتوه مع مصطلحات ولا أقول مفاهيم طه عبد الرحمان، الشر المطلق هوفصل كل شيء عن الدين وليس اي دين بل الدين الاسلامي لان الزمن الاخلاقي حسب طه عبد الرحمان لأي دين وهوهنا يربط الاخلاق بالدين وفقط، اقول الزمن الاخلاقي لأي دين ينتهي بعد أن يتوقف زمن الوحي،وأما الزمن الاخلاقي للإسلام فمستمر لأنه آخر الديانات. ردودي باقتضاب. الزمن الأخلاقي لأي دين مستمر ما دام الدين في خدمة قيم العدل والحق والكرامة.الزمن الاخلاقي للإسلام بدأ مع دفاع الرسول عن الضعفاء وعن العبيد مع الدفاع عن حقه وأهله في الرجوع لمكة، الدفاع عن الأرض.مع معارك انشاء الدولة الاسلامية كان هناك زمن اخلاقي متذبذب لتنتصر القوة ربما على الاخلاق.ومع الزمن العزاوي الفلسطيني يعود الزمن الأخلاقي للبروز بالدفاع عن الأرض وعن الوجود، في الجهة المقابلة انتهى الزمن الأخلاقي لليهودية حين أصبحت أداة بيد الصهيونية من أجل إنشاء كيان ديني عرقي عنصري على حساب إبادة الإنسان واغتصاب الأرض. هكذا أفهم الأمور. أما من جهة أخرى فالشر المطلق يعني لدى طه الاخر، الغربي، العلماني والعلمي وهوحتى يريد أن ينفي عنا عقلانيتناوعلميتنا حين ينفي عنا ابن رشد وكأنه ليس جزءا من تراثنا ومنا.وهوحين لا يستطيع أن يرى تلك الأخلاق والقيم التي يريد أن يعلمها للغرب وهم إنسانيون ويتضامنون ربما أكثر منا أحيانا مع عزة ومن منطلقات الأنوار وإعلاء قيمة الانسان فهذا لأنه يسقط في الفصل المطلق بين الذات والآخر هذا الفصل الذي جسد جوهر أطروحة هنتنغتونوالاستعمار الجديد. في النهاية، ما جعل الانسان الفلسطيني يقاوم ليس فقط القيم الروحانية والإيمان بالحق بل أيضا تملك العلم والهندسة والطب وصناعة السلاح ومناورات السياسة وهذه لا يستطيع أن ينفي طه أنها من مقومات الحداثة الغربية التي يصفها بالشر المطلق. يزعجني جدا طه عبد الرحمان لأنه في نظري لا يمكن أن يقدم شيئا للمستقبل غير بعض الطمأنينة الروحية الصوفية التي قد تمنحها الزاوية البوتشيشية.وأُنهي بما قاله الجابري الذي خدم الديكولونياليةأكثر من طه واستشهد به مرارا دوسيلإنريكي مفكر الديكولونيالية، طه عبد الرحمان لا يفهمني ولا يمكنه أن يفهمني وأنا أيضا ربما لا أفهمه. أما مفهوم الشر المطلق بالنسبة لي فهوحين يتحكم المال ويهيمن على كل شيء، العلم والسياسة والاقتصاد والدين أيضا وتلك أمور فهمتها أكثر من مفكرين غربيين أخلاقيين جدا.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك