أنتلجنسيا المغرب: هيئة التحرير
يُعد شهر رمضان موسمًا للخير
والتراحم، حيث تتجلى أسمى معاني الإنسانية والتكافل الاجتماعي. وفي هذا الشهر
الفضيل، يزداد الأجر لمن يولي اهتمامًا خاصًا بالفئات الضعيفة في المجتمع، مثل
الشيوخ، والنساء المسنات، والأيتام، والأرامل. هؤلاء الذين فقدوا من يعيلهم أو
أصبحوا في حاجة إلى رعاية خاصة، يجدون في رمضان فرصةً لاحتضان المجتمع لهم
وتعويضهم عن فقدان السند.
رعاية كبار السن، خاصة الشيوخ والنساء
المسنات، تُعد من أعظم القربات إلى الله، حيث أمر الإسلام ببر الوالدين والإحسان
إلى كبار السن، ووعد من يقوم بذلك بالرحمة والمغفرة. قال النبي ﷺ: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر
كبيرنا"، فما أعظمها من
بشارة لمن يخدم المسنين ويخفف عنهم مشاق الحياة.
أما الأيتام، فإن كفالتهم والعناية
بهم من أرفع الأعمال التي تقرب العبد إلى الجنة، فقد قال النبي ﷺ: "أنا وكافل اليتيم في الجنة
كهاتين"، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى، وهو دليل على المكانة العظيمة التي
ينالها من يتكفل باليتيم، سواء ماديًا أو معنويًا، عبر تقديم الرعاية والاهتمام
والعطف اللازم.
الأرامل أيضًا لهن مكانة خاصة في
المجتمع الإسلامي، حيث أوصى بهن النبي ﷺ في أحاديث كثيرة، منها قوله: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد
في سبيل الله، أو كالصائم لا يفطر، أو كالقائم لا يفتر". هذا الأجر العظيم يكفي ليحفز كل من
استطاع أن يساعد الأرامل، سواء بالدعم المادي أو النفسي، أو حتى بمساعدتهن في قضاء
حوائجهن اليومية.
يتميز رمضان بكونه شهرًا تتضاعف فيه
الأجور، فيكون تقديم المساعدة للفئات الهشة في المجتمع عملاً مضاعف الثواب. فأن
تساعد شيخًا مسنًا في عبور الطريق، أو تشتري دواءً لامرأة مسنة، أو تكفل إفطار
يتيم، أو توفر مساعدة مالية لأرملة تعيل أبناءها، كل هذه الأعمال قد تكون سببًا في
نيل الرحمة والمغفرة من الله.
إن إدخال السرور على قلب هذه الفئات
من الناس له أجر عظيم، فكم من مسن يشعر بالوحدة، وكم من يتيم يفتقد دفء العائلة،
وكم من أرملة تعاني في صمت! فتكون يد العطاء في رمضان بمثابة بلسم لجراحهم، وسدٍّ
لحاجتهم، مما يجلب الرحمة والبركة لمن يقوم بهذه الأعمال الخيرية.
الجانب الإنساني في رعاية كبار السن
والأيتام والأرامل لا يقتصر فقط على الجانب المادي، بل يمتد إلى الكلمة الطيبة،
والزيارة، والجلوس معهم، وسماع مشاكلهم، وإشعارهم بأنهم جزء مهم من المجتمع. وهذا
ما يغرس قيم الرحمة والتآزر، ويجعل رمضان مدرسة للروح قبل أن يكون شهرًا للصيام
فقط.
كما أن المجتمع الذي يولي اهتمامًا
بالفئات المستضعفة يكون مجتمعًا متماسكًا مبنيًا على الأخلاق والقيم الإسلامية.
فليس من شيم المسلمين أن يتركوا الضعفاء يواجهون مصاعب الحياة وحدهم، بل إن
التعاون والتراحم من أسس الحضارة الإسلامية التي تميزت بقوة ترابطها الاجتماعي.
رعاية هؤلاء المحتاجين ليست مسؤولية
فردية فقط، بل ينبغي أن تكون ضمن الجهود الجماعية، من خلال الجمعيات الخيرية
والمبادرات المجتمعية. فتنظيم موائد الإفطار الجماعية، وتوفير العلاج لكبار السن،
وتأمين الدعم للأيتام والأرامل، كلها مشاريع خيرية تساهم في رسم البسمة على وجوههم
وتُشعرهم بأنهم ليسوا وحدهم في هذه الحياة.
رمضان فرصة ذهبية لمراجعة علاقتنا
بالآخرين ومدى اهتمامنا بالمحتاجين، فهو ليس فقط شهر الصيام عن الطعام، بل هو صيام
عن الأنانية، ودعوة للعطاء بلا مقابل. وكل عمل خير يُبذل في هذا الشهر يعود على
صاحبه بالبركة والسعادة الحقيقية التي لا تضاهيها أي متعة دنيوية.
وختامًا، فإن أعظم ما يمكن للإنسان أن
يقدمه في رمضان هو لمسة رحمة، ويد عون، وابتسامة تُذهب الحزن عن وجه محتاج. فليكن
هذا الشهر فرصة لنا جميعًا لنكون عونًا لمن هم في أمسّ الحاجة، لعل الله يُدخلنا
في رحمته، كما أدخلنا في ضيافة شهره الكريم.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك