أنتلجنسيا المغرب:د.بن علي
في قرار قضائي لافت يعكس التغيرات السريعة في عالم العمل والتكنولوجيا، أصدرت محكمة النقض بالمغرب حكمًا يعترف بتطبيق "واتساب" كوسيلة قانونية لإبلاغ المشغل بحالات الغياب الناتجة عن المرض.
هذا الحكم يمثل خطوة جديدة نحو إدماج الوسائل الرقمية الحديثة في العلاقات المهنية والقانونية، حسب العديد من المهتمين.
القضية تعلقت بأجيرة غابت عن عملها لمدة ستة أيام بسبب خضوعها لعملية جراحية معقدة لاستئصال ورم في الدماغ. بعد العملية، أرسلت الأجيرة شهادتين طبيتين تُثبتان حاجتها لراحة طبية لمدة 34 يومًا إلى مشغلتها عبر تطبيق "واتساب"، الذي كان يُستخدم بشكل دوري للتواصل داخل المقاولة. المشغلة تلقت الشهادتين عبر الإطار المسؤول بالمؤسسة، مما يثبت علمها بسبب الغياب.
ورغم ذلك، رفضت محكمة الاستئناف اعتماد هذه الوسيلة للإبلاغ، معتبرةً أن الأجيرة قد غادرت عملها دون إشعار رسمي. لكن محكمة النقض تدخلت لتصحح هذا الموقف، مؤكدةً أن علم المشغلة بسبب الغياب عبر الوسيلة الرقمية المستخدمة داخل المقاولة يلغي أي ادعاء بعدم الإشعار، وأن القرار الاستئنافي يعاني نقصًا في التعليل، مما استوجب نقضه.
هذا الحكم ليس مجرد فصل في نزاع قانوني، بل يُعد نقطة تحول في الاعتراف بالأدوات الرقمية الحديثة كجزء من البنية القانونية في المغرب. إذ يُظهر ضرورة ملحة لتحديث التشريعات الوطنية لتواكب التطورات السريعة في استخدام التكنولوجيا داخل بيئات العمل.
كما يُسلط الضوء على أهمية تأقلم المؤسسات والشركات مع التغيرات الرقمية، بما يضمن تيسير الإجراءات الإدارية والمهنية دون الإخلال بالقوانين السارية. فمن الواضح أن التطبيقات مثل "واتساب" لم تعد مجرد وسائل للتواصل الشخصي، بل باتت جزءًا لا يتجزأ من العمليات اليومية للمقاولات، وهو ما يستوجب مرونة قانونية تستجيب لمثل هذه التحولات.
هذا القرار يعكس توجهًا قضائيًا واعيًا بتغيرات العصر، ويفتح الباب لنقاش أوسع حول كيفية إدماج التكنولوجيا في المنظومات القانونية لتسهيل التواصل وضمان حقوق جميع الأطراف في العلاقات المهنية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك