أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1 : مراد علوي
في عالم كرة القدم، تعد العنصرية واحدة من أقبح الأزمات التي تفسد جمال اللعبة وتضر بروح التنافس الشريف. حديث فينيسيوس جونيور، نجم ريال مدريد والمنتخب البرازيلي، حول تجاربه مع العنصرية في الملاعب الإسبانية يعيد فتح الجروح القديمة التي لطالما حاولت المجتمعات الكروية التستر عليها. في مقابلة مع "سي إن إن"، قال فينيسيوس بوضوح إنه إذا لم تتحسن الأوضاع بحلول عام 2030، فلا يجب السماح لإسبانيا باستضافة كأس العالم. تصريحاته أثارت زوبعة من ردود الفعل، من المسؤولين الإسبان إلى زملائه في الفريق. في قلب هذا الجدل، يكمن السؤال الحقيقي: هل يمكن لأي دولة أن تدعي التعايش والاحترام، بينما لا تزال حوادث العنصرية تتكرر في ملاعبها؟ في كل مرة يتعرض فينيسيوس للإساءة العنصرية، يُشاهد تواطؤ البعض بالصمت أو التبرير. الحادثة تتكرر، وردود الفعل الرسمية تظل روتينية. فهل يكفي القول بأن "إسبانيا ليست عنصرية"؟ هل يمكن لدولة أن تُغفل عن تصرفات قلة وتحملها على أنها شذوذ في مجتمعها؟ التعليقات الصادرة من عمدة مدريد ومدرب المنتخب الإسباني دافعت عن سمعة البلاد بشدة، ولكنها في نفس الوقت لم تنكر وجود العنصرية بشكل مطلق. "إسبانيا ليست عنصرية"، هذا ما يصر عليه المسؤولون، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة. الاعتراف بأن هناك مشكلة هو الخطوة الأولى نحو الحل، والإنكار يجعل من الصعب تحقيق أي تقدم. الاعتذار عن الإساءة ليس ضعفا، بل هو شجاعة مواجهة الحقيقة. زميل فينيسيوس في ريال مدريد وقائد المنتخب الإسباني داني كارفاخال ذهب في نفس الاتجاه، معترفًا بأن هناك فئة صغيرة تسبب المشكلة، لكنه أكد على أن إسبانيا بلد متعدد الثقافات وليس عنصريًا في جوهره. ومع ذلك، فإن محاولات تخفيف حدة القضية عن طريق تحميل المسؤولية لـ"قلة قليلة" لا تلغي حقيقة أن تلك التصرفات ما زالت تؤذي اللاعبين وتلوث المناخ الرياضي. من جهة أخرى، فينيسيوس جونيور، الذي تألق في الموسمين الماضيين، تم ترشيحه لجائزة الكرة الذهبية. هذه الجائزة التي طالما كانت محط أنظار أعظم لاعبي كرة القدم في العالم قد تُضاف إلى قائمة إنجازاته، ولكن هل ستكون تصريحاته الجريئة حول العنصرية عائقًا أمامه؟ من الصعب القول بشكل قاطع. التصويت على الكرة الذهبية يعتمد أساسًا على الأداء الفردي، ولكن في عالم السياسة الرياضية، قد يكون للكلمات وزن وتأثير. إن فينيسيوس لا ينكر أن هناك دعمًا من زملائه ومدربيه، بل ويشيد بذلك، ولكنه يريد أكثر من ذلك. يريد أن يرى تحركًا حقيقيًا ضد العنصرية، وليس فقط التصريحات المطمئنة. هذه القضية ليست محصورة في إسبانيا أو في ملاعب كرة القدم فقط، بل هي جزء من معركة أكبر ضد التمييز في كل مكان. تصريحات فينيسيوس جاءت من منطلق إحساسه بالمسؤولية، فهو يعرف أن صوته قادر على إحداث تغيير. الكرة الآن في ملعب المجتمع الرياضي والمسؤولين. هل سيتم التعامل مع تصريحات فينيسيوس بجدية والعمل على القضاء على العنصرية بشكل جذري؟ أم ستبقى مجرد كلمات في بحر من التبريرات؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك