أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير
في خطوة تعكس التحولات العميقة في علاقات التعاون العسكري بين الرباط ومدريد، كشفت تقارير رسمية إسبانية عن ارتفاع ملحوظ في صادرات المغرب من الأسلحة إلى إسبانيا، في وقت شهدت مبيعات الأسلحة الإسبانية إلى المملكة قفزة هائلة، إذ تضاعفت 13 مرة خلال الفترة الأخيرة.
هذه الأرقام تكشف عن دينامية جديدة في العلاقات الدفاعية بين البلدين، وتطرح تساؤلات حول مستقبل التعاون العسكري بينهما في ظل التحديات الأمنية الإقليمية.
المغرب يدخل نادي مصدري الأسلحة لإسبانيا
لطالما كان المغرب مستورداً رئيسياً للأسلحة من عدة دول، لكن الجديد في المعادلة أن المملكة بدأت تشق طريقها نحو تصدير بعض أنواع الأسلحة، من بينها بنادق ومسدسات إلى الجار الشمالي، إسبانيا.
هذه الخطوة تمثل تحولاً نوعياً يعكس التقدم الصناعي العسكري الذي حققه المغرب في السنوات الأخيرة، خصوصاً في ظل استراتيجية التوطين الصناعي وتعزيز الاكتفاء الذاتي في المجال الدفاعي.
وفقاً لمصادر مطلعة، فإن المغرب بات يعتمد على شراكات دولية لإنتاج أسلحة خفيفة بمعايير حديثة، وهو ما سمح له بدخول سوق التصدير لأول مرة، حيث وجدت المنتجات المغربية طريقها إلى المؤسسات الأمنية الإسبانية، التي اختارت بعض الأنواع المصنّعة محلياً لتجهيز وحداتها.
إسبانيا تضاعف صادراتها العسكرية إلى المغرب 13 مرة
في المقابل، لم تتراجع إسبانيا عن دورها كمصدر رئيسي للمعدات العسكرية إلى المغرب، بل على العكس، شهدت السنوات الأخيرة زيادة غير مسبوقة في هذه الصادرات، حيث ارتفعت 13 مرة مقارنة بالسنوات السابقة.
وتشمل الصادرات الإسبانية إلى المغرب طائرات مسيّرة، معدات دفاعية متطورة، وأجهزة للرصد والمراقبة، في إطار التعاون الأمني والعسكري المتزايد بين البلدين.
هذه القفزة الكبيرة في المعاملات الدفاعية تعكس تحسن العلاقات الدبلوماسية بعد التوترات التي شهدها البلدان في السنوات الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بملفات الهجرة، وقضية الصحراء المغربية، وملف المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية.
أبعاد التعاون العسكري المغربي الإسباني
يشير مراقبون إلى أن هذا التطور يعكس حاجة كلا البلدين إلى تعزيز تعاونهما الأمني في ظل التحديات الإقليمية التي تواجه المنطقة.
فبالنسبة لإسبانيا، يعتبر المغرب شريكاً استراتيجياً في مكافحة الإرهاب، والهجرة غير النظامية، والجريمة المنظمة، مما يجعل من تعزيز قدراته الدفاعية أمراً يصب في مصلحة مدريد أيضاً.
أما بالنسبة للمغرب، فإن تعزيز ترسانته العسكرية عبر استيراد التكنولوجيا المتطورة، وتطوير قدراته الإنتاجية محلياً، يتماشى مع استراتيجيته الدفاعية الرامية إلى تحقيق نوع من الاستقلالية في المجال العسكري، وتقليل الاعتماد على الموردين التقليديين.
هل يتحول المغرب إلى قوة صناعية عسكرية؟
مع هذه التطورات، يبدو أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانته كقوة عسكرية إقليمية ليس فقط عبر استيراد الأسلحة، بل أيضاً من خلال تطوير صناعاته الدفاعية.
فالاستثمار في التصنيع العسكري محلياً بات خياراً استراتيجياً، خصوصاً بعد توقيع اتفاقيات مع دول مثل الولايات المتحدة، وإسرائيل، وتركيا، بهدف إنشاء مصانع لإنتاج الأسلحة والذخائر داخل التراب المغربي.
تعاون أم تنافس مستقبلي؟
رغم أن العلاقة العسكرية بين المغرب وإسبانيا تبدو قائمة على المصالح المشتركة، إلا أن البعض لا يستبعد أن تتحول مستقبلاً إلى نوع من التنافس، خاصة إذا تمكن المغرب من تطوير صناعة عسكرية قوية تؤهله للاستغناء عن بعض الواردات الإسبانية.
وفي ظل هذه الدينامية، يبقى السؤال المطروح: هل سيستمر هذا التعاون العسكري في التصاعد، أم أن التوترات الجيوسياسية بين البلدين قد تعيد خلط الأوراق في المستقبل؟ الإجابة ستتضح في السنوات المقبلة مع استمرار تحركات المغرب لتعزيز مكانته في المجال العسكري على الصعيد الإقليمي والدولي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك