أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
تحظى "المديرية العامة للدراسات والمستندات"، المعروفة اختصارا بـ"دجيد"، باحترام كبير من لدن جل المتتبعين للشأن الأمني والعسكري بالمغرب.
ويتكفل جهاز الاستخبارات الخارجية المغربي، بعمليات جد معقدة، من ضمنها الأمن الخارجي، الأمن الاقتصادي، الدفاع عن الوحدة الترابية...والعديد من المهمات تشمل تقريبا جميع المجالات بدون استثناء.
جهاز استخباراتي في قلب التحديات الأمنية
تُعدّ المديرية العامة للدراسات والمستندات، المعروفة اختصارًا بـ"لادجيد" (DGED)، جهاز المخابرات الخارجية المغربي، وهو مؤسسة استخباراتية استراتيجية تضطلع بدور محوري في حماية المصالح العليا للمملكة على الصعيد الدولي.
ويعمل الجهاز تحت وصاية المؤسسة الملكية مباشرة، حيث يُعنى بجمع المعلومات وتحليلها، وتنفيذ عمليات استخباراتية في الخارج، والتنسيق مع أجهزة أمنية واستخباراتية دولية لمواجهة التهديدات المتزايدة، خاصة تلك المرتبطة بالإرهاب، والتجسس، والجريمة المنظمة.
المهام الموكولة للجهاز
يُعتبر "لادجيد" بمثابة العين الساهرة للمغرب خارج حدوده، حيث يقوم بمراقبة التهديدات الأمنية المحتملة، بما في ذلك تحركات الجماعات الإرهابية، والأنشطة الاستخباراتية للدول المعادية، وملفات التسلح، والتحديات الجيوسياسية التي قد تؤثر على استقرار البلاد.
كما يعمل الجهاز على تأمين المعلومات الاستراتيجية للدولة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو العسكري، إضافة إلى تعقب الشبكات الإجرامية العابرة للحدود، مثل تهريب المخدرات والاتجار بالبشر.
وبحكم موقع المغرب الجيوسياسي، يلعب "لادجيد" دورًا كبيرًا في مراقبة التطورات في منطقة الساحل والصحراء، والتصدي لخطر التنظيمات الإرهابية كـ"داعش" و"القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".
ويُعنى الجهاز كذلك، بحماية المصالح المغربية في إفريقيا وأوروبا، وتتبع الأنشطة المعادية للوحدة الترابية للمملكة، خصوصًا فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية.
قادة "لادجيد".. أسماء صنعت تاريخ الجهاز
شهد "لادجيد" تعاقب عدة شخصيات على قيادته، حيث أسندت رئاسته لشخصيات عسكرية ومدنية ذات كفاءة عالية في مجالات الاستخبارات والدبلوماسية والأمن.
ومن بين أبرز المسؤولين الذين تولوا إدارة الجهاز:
أحمد الدليمي: الجنرال الذي لعب دورًا كبيرًا في بناء المنظومة الاستخباراتية المغربية قبل وفاته الغامضة عام 1983.
عبد الحق القادري: أحد أبرز رجال الاستخبارات المغربية، وكان له دور محوري في تطوير الجهاز خلال تسعينيات القرن الماضي.
محمد ياسين المنصوري: يتولى رئاسة "لادجيد" منذ 2005، وهو شخصية مقربة من دوائر القرار بالمملكة، ولعب دورًا مهمًا في تعزيز علاقات المغرب الاستخباراتية مع العديد من الدول، وتطوير الجهاز ليواكب التحديات الأمنية الحديثة.
عمليات بارزة.. بصمة مغربية في المعارك الاستخباراتية
نجح "لادجيد" في تنفيذ العديد من العمليات الاستخباراتية الناجحة التي ساهمت في حماية الأمن القومي المغربي، من بينها:
تفكيك خلايا إرهابية: بفضل التنسيق مع أجهزة استخباراتية دولية، تمكن المغرب من إحباط العديد من الهجمات الإرهابية وإجهاض مخططات خطيرة قبل تنفيذها.
ملف الصحراء المغربية: يلعب الجهاز دورًا كبيرًا في تتبع تحركات خصوم الوحدة الترابية للمغرب، وكشف المؤامرات التي تستهدف المساس بالسيادة الوطنية.
التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب: أثبتت الأجهزة الأمنية المغربية، بقيادة "لادجيد"، فعاليتها في تقديم معلومات استخباراتية دقيقة حول الإرهابيين، وهو ما ساهم في تفادي هجمات خطيرة في أوروبا والولايات المتحدة.
علاقات قوية.. شراكات استخباراتية تعزز النفوذ المغربي
تتمتع "لادجيد" بشبكة علاقات واسعة مع كبرى الأجهزة الاستخباراتية العالمية، حيث ينسق بشكل وثيق مع المخابرات الأمريكية (CIA)، والفرنسية (DGSE)، والإسبانية (CNI)، والبريطانية (MI6)، إلى جانب التعاون مع دول الخليج وإفريقيا في الملفات الأمنية الحساسة.
هذا التعاون جعل المغرب شريكًا أساسيًا في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، حيث أشادت العديد من الدول بدور "لادجيد" في كشف مخططات إرهابية وتقديم معلومات دقيقة ساعدت على إحباط هجمات واعتقال مطلوبين دوليين.
مستقبل "لادجيد" والتحديات المقبلة
مع تصاعد المخاطر الأمنية في العالم، يواصل "لادجيد" تعزيز قدراته من خلال تبني تقنيات حديثة في مجال الأمن السيبراني والاستخبارات الرقمية، إلى جانب تكثيف تعاونه مع الحلفاء الدوليين لمواجهة التهديدات المتغيرة.
في ظل التحديات الجيوسياسية والتهديدات الإرهابية، يبقى "لادجيد" حصن المغرب الحصين وسلاحه السري في الدفاع عن مصالحه الاستراتيجية، مما يجعله أحد أقوى الأجهزة الاستخباراتية في المنطقة، بفضل كفاءته العالية واستراتيجيته الاستباقية في التعامل مع المخاطر الأمنية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك