شؤون أمنية وعسكرية / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات: مغربنا 1 المغرب
خلال العام الحالي 2020 نشر الأكاديمي زولتان باراني ورقة بحثية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) بواشنطن بعنوان (شراء الأسلحة والفساد في دول الخليج).
باراني هو أكاديمي في جامعة تكساس، وله عدة كتب بارزة مثل :كيف تستجيب الجيوش للثورات، ولماذا؟، الجندي والدولة المتغيرة: بناء الجيوش الديمقراطية في إفريقيا وآسيا وأوروبا والأمريكيتين، هل الديمقراطية قابلة للتصدير؟ وهي كتب تُرجمت إلى اللغة العربية.
أشار باراني خلال ورقته البحثية إلى وجود مشكلة ابتداء في كافة دول الخليج تتمثل في عدم وجود رقابة تشريعية شعبية فعالة يمكنها تقييد الإنفاق الدفاعي أو تنظيم معايير اقتناء الأسلحة، حيث تستخدم الأنظمة الحاكمة مشتريات الأسلحة لتوطيد تحالفاتها مع الدول الكبرى مما يؤدي إلى امتلاك أنظمة تسليح مختلفة يصعب على عناصر القوات المسلحة استيعابها. كما يشير إلى عدم شفافية دول الخليج في الإبلاغ عن إجمالي إنفاقها العسكري الفعلي ونسبته من الناتج المحلي.
رغم أن الأمين العام للأمم المتحدة يدعو جميع الدول الأعضاء بالجمعية كل عام للتبليغ بحلول 30 إبريل عن نفقاتها العسكرية في آخر سنة مالية تتوافر عنها بيانات من أجل تضمينها في تقرير الأمم المتحدة السنوي بشان الإنفاق العسكري الذي يشرف عليه مكتب الأمم المتحدة لنزع السلاح (UNODA). إلا أن كافة الدول الخليجية لا تقدم تلك البيانات حيث تعتبرها من قضايا الأمن القومي. ومن ثم لا يتاح سوى الاعتماد على تقديرات الإنفاق العسكري التي تصدرها المراكز البحثية المتخصصة مثل تقارير التوازن العسكري السنوية الصادرة عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، والكتاب السنوي الخاص بالسلاح ونزع السلاح والأمن الدولي الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI).
ما المقصود بالإنفاق العسكري؟
يذهب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى أن الإنفاق العسكري يشمل الإنفاق على التالي:
- مخصصات ومدفوعات أفراد القوات المسلحة.
- مخصصات المدنيين الذين يعملون في مؤسسات عسكرية.
- نفقات العمليات العسكرية والصيانة.
- نفقات شراء السلاح والمعدات العسكرية والذخائر.
- نفقات أعمال البحث والتطوير.
- نفقات الإنشاءات العسكرية أو تلك التي تخدم الأغراض العسكرية.
- معاشات التقاعد والضمان الاجتماعي لأفراد القوات المسلحة المتقاعدين.
- المعونات العسكرية.
- الدفاع المدني.
- نفقات القوات شبه العسكرية المدربة لتنفيذ عمليات عسكرية.
- الأوجه العسكرية للأنشطة المشتركة بين القطاعين العسكري والمدني مثل بحوث وعمليات الفضاء، والبحوث والتجارب الطبية التي لها استخدامات عسكرية، والصناعات التي تخدم كلا القطاعين..)
الإنفاق العسكري في الخليج
وفقا لباراني يقدر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) أن ثلاث دول خليجية كانت من بين أكبر 15 دولة إنفاقًا عسكريًا في العالم في عام 2019 حيث احتلت السعودية المركز الثالث في قائمة الإنفاق العسكري بعد الولايات المتحدة والصين بمبلغ يُقدر ب 78.4 مليار دولار. في حين جاء الكيان الصهيوني في المركز 14 بمبلغ 22.6 مليار دولار.
وفيما تبلغ نسبة الإنفاق العسكري الأميركي 3.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتبلغ النسبة في معظم الدول الأوروبية أقل من 2٪، نجد أن نظائر ذلك في دول الخليج مرتفعة للغاية حيث بلغت في عام 2019: عمان 11.7٪ ، السعودية 10.1٪ ، العراق 9.1٪ ، الكويت 4.7٪، البحرين 3.9٪.
ووفقا لتقديرات واردات الأسلحة السنوية حسب معهد ستوكهولم الدولي (SIPRI) ففي عامي 2018، و2019 استوردت السعودية نسبة 13.7% من إجمالي واردات الأسلحة عالميا، في حين جاءت الدول التالية كالآتي: الهند، مصر، قطر، الصين، الإمارات.
وبينما تعزى الأسباب التقليدية لزيادة الإنفاق العسكري السعودي بوجه عام إلى عمليات التحديث للأسلحة والمعدات، والتزود بالذخائر، وتعزيز قدرات الدفاع الصاروخي، والانخراط في حرب اليمن، وزيادة القدرات فيما يسمى بمكافحة الإرهاب. فلا يمكن تجاهل الدوافع السياسية السعودية التي تقف خلف عقد صفقات تسليح بأرقام مبالغ فيها، حيث ينشد النظام السعودي بذلك تعزيز علاقاته مع الدول الكبرى دون وجود احتياجات عسكرية حقيقية، وهو ما عبر عنه الباحث الأميركي المخضرم أنتوني كوردسمان قائلا (على الولايات المتحدة أن تتعامل بطريقة تعترف خلالها بأن الإنفاق السعودي المفرط على الأمن يهدد الاستقرار السعودي المحلي. وعلى كل من قادة المملكة العربية السعودية وشركائها أن يدركوا أن الاستقرار والتنمية السعوديين هما الأولوية الأساسية، وليس استخدام المملكة العربية السعودية كبقرة نقدية لشراء الأسلحة أو تمويلها أو تحقيق أهداف أمنية أخرى).
الشفافية في دول الخليج
ونظرا لأن كافة دول الخليج عدا الكويت تفتقد إلى مجالس نيابية منتخبة، فلا توجد رقابة على عمليات شراء الأسلحة سوى من طرف أجهزة الدولة التي تديرها العائلات الحاكمة التي ينخرط أفرادها في عمليات شراء الأسلحة عبر شركات محلية يمتلكونها أو يملكها أشخاص مقربون منهم. فحسب الباحث الأميركي أنتوني كوردسمان فإن الافتقار إلى الشفافية في برامج استيراد الأسلحة وتحديثها يتيح مساحة واسعة أمام الفساد الداخلي المتعلق بالعمولات المرتبطة بصفقات الأسلحة. وهو ما ظهر بشكل جلي في صفقة اليمامة التي تم خلالها بيع كميات ضخمة من الأسلحة البريطانية إلى السعودية خلال الفترة الممتدة من عام 1985 حتى عام 2006 بقيمة تناهز 60 مليار دولار أميركي مقابل تسديد السعودية قيمة الصفقة بالنفط الخام بمعدل 600000برميل يوميا. ولم يتمكن مكتب التحقيق في الاحتيال الخطير ببريطانيا من إكمال تحقيقاته في الصفقة بسبب الضغوط السعودية التي وصلت حد التلويح بوقف التعاون الاستخباري مع بريطانيا . بينما أشار تحقيق نشرته هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي في 7 يوليو 2007 إلى أن الأمير السعودي بندر بن عبدالعزيز تلقى عمولة تقترب من 2 مليار دولار لإتمام تلك الصفقة. وبندر هو والد السفيرة السعودية الحالية في واشنطن.
ووفقا لباراني فإن الأمير بندر اشترى قرية كاملة في كوتس وولدز، وهي منطقة خلابة في وسط إنجلترا من جزء من عائدات رشوة صفقة اليمامة. أما الأمير متعب بن عبد الله آل سعود قائد الحرس الوطني السابق، فقد قام بتحويل مليارات الدولارات من الحرس الوطني السعودي من خلال تعيينه لموظفين وهميين ودفع مبالغ فيها للشركات التي يمتلكها مقابل العقود التي يجريها معها. أما الكويت فقد شهدت في عام 2019 إقالة أمير البلاد لنجله فضلا عن ووزير الدفاع ونائب رئيس الوزراء ناصر الصباح ووزير الداخلية خالد الصباح من مناصبهم للسماح بالمضي في تحقيق حول فساد خاص بسوء إدارة 790 مليون دولار في صندوق تابع للجيش مخصص لمنح قروض بدون فوائد للضباط العاملين بالخدمة.
ونظرا لما سبق فقد احتلت أغلب دول الخليج مراتب متأخرة في تصنيف منظمة الشفافية الدولية لعام 2018، حيث جاءت البحرين في المرتبة 99 من بين 180 دولة، والكويت 78، والسعودية 58، في حين جاءت قطر في المركز 33، والإمارات في المركز 23.
في ظل تداعيات أزمة كورونا، وانخفاض أسعار النفط، يُتوقع أن ينخفض الإنفاق العسكري في دول الخليج مع إتباع المزيد من الإجراءات التقشفية بغرض تجنب الإفلاس، حيث حذر صندوق النقد في تقرير أصدره في بداية عام 2020 من احتمالية اختفاء ثروات دول الخليج خلال الـ 15 عاما المقبلة، حيث قال إنه يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي إجراء تغييرات مالية جذرية لتجنب تبخر ثرواتها البالغة تريليوني دولار بسبب انخفاض أسعار البترول. ومضيفا أن الكويت قد تجد نفسها أمام عجز في التمويل قدره 180 مليار دولار على مدى السنوات الست المقبلة، بينما تستعد السعودية لعجز يبلغ 50 مليار دولار هذا العام.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك