أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا
في بيان ناري بمناسبة عيد العمال، أكد
القطاع النقابي لجماعة العدل والإحسان أن العيد الأممي لهذه السنة يأتي في ظل
اضطراب عالمي غير مسبوق، حيث تصر قوى الاستكبار العالمي على فرض إرادتها الجائرة
على الشعوب المستضعفة بالقوة العسكرية والمالية، في تحد سافر لكل المواثيق الدولية
والأعراف الإنسانية، مما يؤجج الصراعات ويديم المآسي ويؤكد أن العدالة الدولية لا
تزال رهينة المصالح الفئوية الكبرى.
وسجل البيان بمرارة استمرار المجازر
البشعة التي ترتكبها العصابات الصهيونية في غزة، حيث تحرق النساء والأطفال تحت
أنظار العالم، بدعم مطلق من الولايات المتحدة الأمريكية وتواطؤ أنظمة عربية أضحت
جزءا من آلة الإبادة الجماعية، في جريمة منظمة تهدف إلى تفريغ الأرض من سكانها
الأصليين، وتثبيت كيان استعماري عنصري فوق أنقاض شعب أعزل يناضل من أجل البقاء.
وانتقل البيان إلى تشريح الوضع
الداخلي بالمغرب، مشيرا إلى أن العمال والعاملات يعيشون تحت وطأة القهر والاستغلال
بفعل تغول أرباب المال وتحكمهم في الاقتصاد الوطني ومفاصل القرار السياسي، مما
أنتج أوضاعا اجتماعية كارثية انعكست على القدرة الشرائية بشكل مباشر، وسط انفجار
الأسعار واستشراء الفساد في مختلف القطاعات الحيوية.
واعتبر البيان أن أزمة القطاعات
الاجتماعية من صحة وتعليم وشغل وطاقة ليست سوى نتيجة حتمية لعقود من السياسات
الفاشلة التي أغرقت البلاد في التخلف والتبعية، رغم رصد ميزانيات ضخمة تحت شعارات
الإصلاح، لكنها لم تكن سوى غطاء لنهب المال العام وإعادة إنتاج الفشل.
وتوقف البيان عند ما وصفه بالهجوم
الممنهج على الحقوق الاجتماعية، منتقدا بشدة توجه الحكومة نحو إقرار قانون يقيد
الحق في الإضراب، وبدء تفكيك منظومة التقاعد، مع مواصلة تفويت القطاعات
الاستراتيجية للخواص، في ضرب صارخ لحق المواطنين في الخدمات الأساسية، وفي تحد
لمواقف النقابات ومطالب الشغيلة.
وشدد البيان على أن جلسات الحوار
الاجتماعي تحولت إلى مسرحيات شكلية تفتقد للجدية والالتزام، حيث تمارس الحكومة
سياسة الإملاء بدل الحوار، وتفرض قرارات جاهزة دون الالتفات إلى المطالب الحقيقية
للطبقة العاملة، مما يهدد بانفجار اجتماعي غير محسوب العواقب.
ودعا البيان إلى تحسين الدخل من خلال
زيادة الأجور وإرساء عدالة جبائية حقيقية تضع حدا للتهرب الضريبي، محملا الحكومة
كامل المسؤولية عن التدهور الاجتماعي، ومطالبا بإصلاحات جذرية توقف نزيف تفويت
القطاعات الحيوية للخواص، وتعيد الاعتبار للخدمات العمومية كمكسب وطني لا يجوز
التفريط فيه.
وندد البيان بما سماه المقاربة
القمعية للحكومة تجاه الحريات النقابية، مذكرا بحالات الطرد التعسفي للنقابيين
ورفض تسليم وصولات الإيداع للمكاتب النقابية المنتخبة، فضلا عن محاصرة العمل
النقابي الجاد وقمع الحركات الاحتجاجية السلمية، مما يعكس توجها خطيرا نحو مصادرة
الحقوق الأساسية للطبقة العاملة.
وطالب البيان بالتراجع الفوري عن كل
الإعفاءات التعسفية التي طالت الأطر الكفؤة بسبب انتماءاتهم السياسية والنقابية،
داعيا إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والنقابيين، ووقف كل أشكال المتابعة
والمضايقة، وضمان الحق في حرية التعبير والتنظيم باعتبارهما أساس بناء مجتمع
ديمقراطي حقيقي.
وختم البيان بدعوة قوية إلى توحيد
الصف النقابي في جبهة نضالية موحدة على قاعدة الدفاع عن الكرامة والحرية والعدالة
الاجتماعية، من أجل التصدي لمخططات الاستبداد والفساد، واستعادة زمام المبادرة
الشعبية لفرض التغيير الديمقراطي، وبناء وطن يليق بتضحيات أبنائه ويصون حقوقهم كاملة
غير منقوصة.
وكان هذا نص البيان كاملا:
بيان القطاع النقابي لجماعة العدل
والإحسان بمناسبة عيد العمال
بيان فاتح ماي 2025
النضال الوحدوي واجب لا اختيار لرفع
الظلم وتحقيق العدالة الاجتماعية وإسقاط التطبيع.
يحل العيد الأممي لهذا العام والواقع
الدولي مضطرب بسبب إصرار قوى الاستكبار العالمي على فرض إرادتها على الشعوب
المستضعفة بقوة السلاح والمال، متحدية بذلك كافة المواثيق والأعراف والمؤسسات الدولية.
فلا تزال العصابات الصهيونية المجرمة
تنتشي بحرق الأطفال والنساء في خيام اللاجئين في غزة الأبية، بدعم مباشر وبكل
الوسائل من الراعي الأمريكي وحلفائه الذين تخلوا عن أبسط المبادئ والقيم
الإنسانية، وبتواطؤ مكشوف من الأنظمة العربية، والهدف واحد: تهجير شعب أعزل بكامله
من أرضه، وإبادة جماعية في حقه في نسخة متطورة من الجرائم ضد الإنسانية من أجل
التمكين لكيان صهيوني مجرم على أرض فلسطين الأبية.
كما يحل العيد الأممي في بلدنا
المغرب، وقد التفت حول أعناق العمال والعاملات مزيد من سلاسل القهر والظلم
والاستغلال بسبب جشع أرباب المال والأعمال وتحكمهم في مفاصل الدولة ومقاليد الحكم،
يستنزفون خيراتها ويحتكرونها، ويتحكمون في الأسعار، معتمدين في ذلك على مختلف
أنواع وأشكال الفساد.
واقع مرير يجعل العمال والعاملات
ومعهم عموم الكادحين المستضعفين تحت ضغط اجتماعي غير مسبوق مع الارتفاع المطرد
للأسعار والانهيار المتزايد للقدرة الشرائية.
ينضاف إلى ذلك الواقع المتأزم
للقطاعات الاجتماعية والحيوية من صحة وتعليم وشغل وطاقة، والتي لا تزال تراوح
مكانها في المراتب المتأخرة وفق أحدث التقارير الدولية. هذا بالرغم من كل ما تم
ضخه من أموال طائلة في برامج ومخططات إصلاحية ثبت فشلها وعبثها.
وبدل فتح نقاش وحوار مجتمعي جامع
وشفاف للبحث عن أنسب الحلول لهذه الأزمات، اختارت الحكومة المضي قدما في الزحف على
حقوق ومكتسبات العمال والموظفين، عبر الإخراج القسري للقانون التكبيلي للإضراب
والذي يراد به منع الحق الدستوري في الاحتجاج والإضراب، والبدء في تفكيك منظومة
التقاعد وتقزيم معاشات العمال لتغطية عجز ليسوا مسؤولين عنه، ومواصلة تفويت
الخدمات الحيوية كالماء والطاقة والصحة والتعليم للقطاع الخاص، وما يتبع ذلك من
ارتفاع في الأسعار لأجل تحقيق الأرباح، وتعديل مدونة الشغل بما يضيق على حقوق
وضمانات العمال ويخدم أرباب المال والأعمال، يتم هذا في تحد مكشوف للشركاء
الاجتماعيين واستخفاف بملاحظاتهم وآرائهم، وهو ما يجعل جلسات الحوار الاجتماعي ذات
طابع شكلي لا غير.
تدعو إليها الحكومة متى تشاء، وتفرض
فيها ما تشاء، أو تمرر ما تشاء دون الالتفات إلى النقابات في استعلاء بئيس لا نظير
له.
بناء على ما سبق، ونظرا لما لعيد
العمال من دلالة رمزية تاريخية لدى كل عمال العالم في الكفاح والنضال الوحدوي من
أجل الحقوق المشروعة، وحيث إننا في القطاع النقابي لجماعة العدل والإحسان نؤمن
إيمانا راسخا بالنضال الوحدوي سبيلا لتحصين المكتسبات والحقوق وتحقيق العدالة
الاجتماعية، فإننا نعلن ما يلي:
نتقدم بأصدق التهاني لعموم الطبقة
العاملة في العالم، وفي مقدمتها الشغيلة المغربية، مع التقدير والاعتزاز بما تخوضه
من نضالات دؤوبة لتحقيق مطالبها المشروعة وتحصين مكتسباتها وحقوقها وبما تقدمه من
مجهودات جبارة للمساهمة في رقي وازدهار وتنمية بلدنا.
نجدد التضامن المطلق والدعم اللامشروط
للمقاومة الفلسطينية الباسلة وشعبنا في فلسطين، وللشعبين اللبناني واليمني
الداعمين للمقاومة الصامدة في وجه الغطرسة الصهيونية والأمريكية وحلفائهما، كما
نعلن إدانتنا للصمت الدولي وللتواطؤ العربي المخزي إزاء المجازر الوحشية والإبادة
الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني المجرم في حق أبناء الشعب الفلسطيني، ونجدد
دعوتنا كل الفاعلين النقابيين الأحرار لمزيد من التعبئة لمساندة فلسطين والتصدي
للتطبيع المتمدد في اتجاه كل القطاعات المهنية والمجالات الحيوية.
نطالب الحكومة بالتعاطي الجاد مع
مطالب الشغيلة ومأسسة الحوار الاجتماعي والوفاء بسائر التعهدات وتنفيذ ما تبقى من
بنود الاتفاقات السابقة وعلى رأسها تلك المتعلقة باتفاق أبريل 2011، وكذا الالتزام
بإرساء حوارات قطاعية وتنفيذ مخرجاتها، ونحملها كامل المسؤولية في تردي الوضع
الاجتماعي للعمال والمأجورين وعموم الشعب المغربي، وفي احتقان العلاقات الشغلية في
مختلف القطاعات المهنية.
نطالب الحكومة بتحسين الدخل عبر
الزيادة في الأجور، وإرساء منظومة ضريبية عادلة ومنصفة تقطع مع ظاهرة التهرب
الضريبي وتخفف من العبء الضريبي على الأجراء وذوي الدخل المحدود.
نحمل الدولة التداعيات الكارثية
الناجمة عن تفويت قطاعات استراتيجية وحيوية للخواص وتسليعها كالغاز والمحروقات
والكهرباء والماء الصالح للشرب.
نندد بالمقاربة الانفرادية التي
تنتهجها الحكومة في وضع تشريعات تراجعية تضرب مكتسبات الشغيلة مثل القانون
التكبيلي لممارسة حق الإضراب، ودمج صندوقي الضمان الاجتماعي، وقانون تخريب صناديق
التقاعد، وتحميلها الطبقة العاملة عبء فشل سياساتها المتعاقبة.
نندد بالتضييق على الحريات النقابية
المتمثل في ضرب الحق في الانتماء النقابي والطرد التعسفي للنقابيين وامتناع
السلطات عن تسليم وصولات الإيداع المتعلقة بالتصريح بالمكاتب المنتخبة وقمع
المناضلين، وندعو إلى إصلاح تشريعي حقيقي ينظم العلاقات الشغلية ويقطع مع الهشاشة
والاستغلال.
نطالب الجهات المعنية بالتراجع عن كل الإعفاءات
التي طالت وتطال الأطر الكفؤة على خلفية الانتماء السياسي والنشاط النقابي.
نطالب بإطلاق سراح المعتقلين
السياسيين والنشطاء النقابيين ومعتقلي قضية مناهضة التطبيع، وبوقف الانتهاكات
الحقوقية وضمان حرية الرأي والتعبير والتنظيم.
نحيي المرأة العاملة المكافحة من أجل
لقمة العيش الكريم، ونطالب الدولة بإنصاف النساء العاملات وبحمايتهن من كافة أشكال
الاستغلال والتمييز.
نجدد دعوتنا جميع المنظمات النقابية
والقوى المناضلة إلى تشكيل جبهة نقابية موحدة على أرضية نضالية صلبة للتصدي
للمخططات الرامية إلى ضرب مكتسبات الطبقة العاملة وعموم الشعب المغربي، ولمواجهة
تغول أرباب المال والأعمال على كل القطاعات افتراسا واحتكارا، تكون نواة لجبهة
اجتماعية موسعة وموحدة تكون قادرة على ترجيح موازين القوى لصالح التغيير لبناء
دولة ينعم مواطنوها بالعدل والكرامة والحرية.
وإنها لمعركة نضالية حقيقية وتحدٍّ
تاريخي أمام الطبقة العاملة المغربية للصمود في وجه الاستبداد والفساد.
الاثنين 29 شوال 1446 الموافق لـ 28
أبريل 2025
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك