أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي
أثار وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، جدلًا واسعًا بعد تصريحاته القوية بشأن النزاع حول الصحراء المغربية، حيث أكد أن هناك أطرافًا تسعى لإبقاء هذا الملف مجمدًا "لمئة عام إضافية"، وهو ما وصفه بالأمر غير المقبول، مؤكدًا أن مدريد لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الجمود المفتعل.
إسبانيا تكسر الصمت الدبلوماسي
في تصريح رسمي نُقل عن ألباريس، قال وزير الخارجية الإسباني إن بلاده "لن تنتظر قرنًا آخر لإرضاء من يختبئون خلف شعارات فارغة"، في إشارة ضمنية إلى أطراف تسعى لإدامة النزاع المفتعل في الصحراء على حساب مصالح شعوب المنطقة واستقرارها.
وأضاف ألباريس أن الموقف الإسباني الحالي مبني على "الواقعية السياسية، والبحث عن حل دائم وعادل ومقبول من الأطراف"، في إشارة إلى دعم مدريد لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل سياسي لإنهاء هذا النزاع.
تحوّل في الموقف الإسباني
منذ مارس 2022، أعلنت الحكومة الإسبانية بشكل واضح دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي، معتبرة إياه "الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية" لحل النزاع. هذا التحول قوبل بارتياح مغربي، وامتعاض من طرف الجزائر وجبهة البوليساريو التي اعتبرته انحيازًا غير مقبول.
ورغم محاولات بعض الأطراف الضغط على إسبانيا لمراجعة موقفها، فإن تصريحات ألباريس الأخيرة تؤكد تشبث مدريد بموقفها الجديد، وتعبّر عن نقمة سياسية متزايدة ضد من يريدون إبقاء الوضع على ما هو عليه.
مَن يختبئ وراء الشعارات؟
تصريحات ألباريس تسلط الضوء على ما وصفه بـ"الخطاب الفارغ" الذي تتبناه بعض الأطراف الإقليمية والدولية، والتي ترفع شعارات تقرير المصير دون تقديم بدائل عملية أو دعم لمسار الحل السياسي تحت مظلة الأمم المتحدة.
وأكد الوزير أن إسبانيا، بوصفها بلدًا جارا ومهتمًا بالاستقرار الإقليمي، "لن تبقى رهينة لمواقف جامدة وغير واقعية"، مضيفًا أن الوقت قد حان لدفع الملف نحو تسوية فعلية بدل الاكتفاء بالخطابات.
دعم أوروبي ضمني وتحفظ إقليمي
تصريحات وزير الخارجية الإسباني تأتي في وقت تعرف فيه العلاقات الأوروبية المغربية تحسنًا ملحوظًا، مع دعم متزايد للموقف المغربي داخل دوائر القرار الأوروبية. في المقابل، لا تزال بعض الدول، خاصة الجزائر، ترفض أي حل لا يتضمن ما تسميه "تقرير المصير" لجبهة البوليساريو.
ويرى مراقبون أن موقف مدريد يحمل في طياته دعوة ضمنية لأوروبا للالتحاق بقطار الواقعية السياسية، في ما يشبه محاولة إسبانية لقيادة توجه أوروبي جديد يدفع نحو تسوية النزاع بناءً على معطيات الجغرافيا والتحالفات الجديدة.
ردود الفعل المرتقبة
من المنتظر أن تثير هذه التصريحات ردود فعل قوية، سواء من الأطراف المعارضة للموقف الإسباني، أو من الدبلوماسية المغربية التي ستعتبرها خطوة جديدة في اتجاه تثبيت المكاسب السياسية والدبلوماسية التي راكمها المغرب خلال السنوات الأخيرة.
كما يُتوقع أن ترد الجزائر والبوليساريو عبر وسائل إعلامها الرسمية، متهمة إسبانيا بالتخلي عن "الحياد" التاريخي، في وقت تعتبر فيه مدريد أن الحياد لم يعد مجديًا أمام نزاع طال أمده دون أي أفق واضح.
للإشارة، فرسائل وزير الخارجية الإسباني لا تحمل فقط موقفًا سياسيًا، بل تعكس تحولًا استراتيجيًا في تعاطي مدريد مع أحد أعقد الملفات في شمال إفريقيا. وبين واقعية الطرح المغربي وجمود الخطاب الانفصالي، يبدو أن إسبانيا قد قررت أن الوقت حان لإنهاء زمن الانتظار الدبلوماسي، والمساهمة الفعلية في دفع عجلة الحل، حتى لو اقتضى الأمر مواجهة مباشرة مع من يفضلون استمرار الأزمة على حساب الاستقرار الإقليمي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك