أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير
يشهد المغرب موجة غير مسبوقة من الغلاء، جعلت الحياة اليومية للمواطن البسيط جحيماً لا يطاق، في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية إلى مستويات قياسية، مقابل أجور هزيلة لا تكاد تغطي الحاجيات الضرورية.
ففي الوقت، الذي وصل فيه سعر اللتر الواحد من الزيت البلدي إلى 100 درهم، وسعر الكيلوغرام الواحد من الزيتون إلى 30 درهماً، تخطى اللحم الأحمر حاجز 130 درهماً للكيلوغرام، بينما أسعار المحروقات تواصل تحليقها دون أي بوادر للتراجع.
هذه الأزمة الخانقة، تأتي في وقت تتضاعف فيه الضرائب والاقتطاعات التي تستنزف جيوب المغاربة، ما يعمق حالة الاحتقان الاجتماعي، ويثير تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على التدخل العاجل لوقف النزيف.
حكومة بلا حلول وسيناريوهات سوداء في الأفق
في الوقت الذي كان ينتظر فيه المواطنون إجراءات قوية وعاجلة من حكومة عزيز أخنوش لمواجهة هذا الوضع الكارثي، يبدو أن هذه الأخيرة تتعامل ببرودة غير مفهومة مع الأزمة، مكتفية بتصريحات عامة ووعود لا تسمن ولا تغني من جوع. لم نرَ أي تدخل فعلي للحد من الارتفاع الجنوني للأسعار، ولم تتخذ الحكومة خطوات ملموسة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين الذين أصبحوا عاجزين عن تأمين أبسط ضروريات العيش.
في ظل هذا الوضع، تتزايد حالة السخط الشعبي، خصوصاً أن الأزمة تضرب جميع الفئات، من الموظفين الصغار وأصحاب الدخل المحدود إلى العمال والطلبة، وحتى بعض الفئات المتوسطة التي كانت تعيش في السابق وضعاً مقبولاً. الفقر يتسع، والطبقة الوسطى تنهار، والهوة بين الفقراء والأغنياء تتسع أكثر من أي وقت مضى، ما ينذر بتداعيات خطيرة على الاستقرار الاجتماعي.
الضرائب تتصاعد والاقتطاعات تلتهم الرواتب
رغم موجة الغلاء غير المسبوقة، لم تجد الحكومة سوى نهج المزيد من السياسات الجبائية التي أثقلت كاهل المواطنين. الضرائب تزداد والاقتطاعات تتواصل، ما جعل القدرة الشرائية تتدهور بشكل مريع. في المقابل، لم تتخذ أي إجراءات ملموسة لدعم الفئات الهشة، ولا توجد مؤشرات على نية الحكومة تحسين الأجور أو تقديم دعم مباشر يمكن أن يخفف من آثار الغلاء الحاد.
هذه السياسة الضريبية المجحفة تأتي في وقت تحقق فيه بعض القطاعات أرباحاً خيالية، خصوصاً قطاع المحروقات الذي تستفيد منه شركات كبرى، بينها شركات رئيس الحكومة نفسه، ما يطرح علامات استفهام حول تضارب المصالح واستغلال الأزمة لتحقيق مكاسب مالية ضخمة على حساب المواطنين.
إلى أين يسير المغرب في ظل هذه الأزمة؟
الوضع الحالي يطرح أكثر من تساؤل حول مستقبل البلاد في ظل هذا التضييق الاقتصادي الخانق. إلى متى ستظل الحكومة تتفرج دون تحرك؟ وهل سنشهد في المستقبل القريب إجراءات حقيقية تعيد للمواطن المغربي شيئاً من كرامته، أم أن الأزمة ستتفاقم أكثر مما هي عليه الآن؟
الشارع يغلي، والصبر بدأ ينفد، والكرة الآن في ملعب حكومة أخنوش التي تواجه أكبر اختبار لها منذ توليها السلطة. فإما أن تتخذ قرارات حاسمة تخفف العبء عن المغاربة، أو أن تتحمل مسؤولية ما قد يترتب عن هذا الوضع من تداعيات قد تخرج عن السيطرة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك