أنتلجنسيا المغرب:أبو جاسر
أثار قرار حذف الإشارة إلى الدين الإسلامي من ديباجة مشروع المسطرة الجنائية جدلًا واسعًا داخل قبة البرلمان، حيث اعتبره بعض النواب مساسًا بالهوية الدستورية للمملكة،
في حين دافع عنه آخرون باعتباره خطوة نحو تحديث المنظومة القانونية وتكييفها مع المواثيق الدولية.
هذا التعديل، الذي لم يكن متوقعًا، فجّر نقاشًا حادًا بين الفرق البرلمانية، مما يعكس حساسية الموضوع في المشهد السياسي المغربي.
الموقف الرسمي:رؤية تحديثية أم مراجعة مثيرة للجدل؟
الحكومة، التي تقدمت بالمشروع، أكدت أن حذف الإشارة إلى الإسلام من الديباجة لا يعني بأي شكل من الأشكال المساس بالمرجعية الدينية للدولة، بل هو مجرد إجراء تقني يهدف إلى تجويد النصوص القانونية وضمان انسجامها مع التشريعات الوطنية والدولية. في المقابل، اعتبرت بعض الأطراف المعارضة أن هذه الخطوة قد تمهد لمزيد من التعديلات التي قد تؤثر على الهوية الدستورية للبلاد، والتي ينص الفصل الأول من الدستور على أن الإسلام دين الدولة.
انقسام داخل البرلمان:بين الرافضين والمؤيدين
داخل البرلمان، تباينت المواقف بشكل واضح. فقد عبرت بعض الفرق النيابية المحافظة عن رفضها القاطع لهذا التعديل، معتبرة أنه يمس بثوابت الأمة ويشكل سابقة قد تفتح الباب أمام تغييرات أكثر جذرية في المستقبل. في المقابل، رحبت أطراف أخرى بالتعديل، معتبرة أنه يعكس توجهًا نحو تحديث القوانين بما يتماشى مع مقتضيات دولة القانون والمؤسسات، ويجنب التشريعات أي حمولة دينية قد تفسر بطرق مختلفة.
تداعيات سياسية ودستورية
التعديل المقترح أثار نقاشًا أكبر حول مدى التوازن بين المرجعية الدينية للدولة ومتطلبات تحديث المنظومة القانونية. فبينما يرى البعض أن الإبقاء على الإشارة إلى الإسلام في القوانين الجنائية أمر ضروري لحماية الطابع الديني للدولة، يرى آخرون أن الدولة المدنية الحديثة تقتضي الفصل بين التشريع والمرجعيات الدينية لضمان سيادة القانون في إطار المساواة بين المواطنين.
المجتمع المدني يدخل على الخط
لم يقتصر الجدل على الأوساط السياسية فحسب، بل امتد إلى المجتمع المدني، حيث عبرت جمعيات إسلامية عن قلقها من تداعيات هذا التعديل، محذرة من أنه قد يشكل مدخلًا لتغييرات تمس بالهوية المغربية. في المقابل، أشادت جمعيات حقوقية بهذه الخطوة، معتبرة أنها تعزز حياد الدولة وتضمن عدم استخدام الدين في التشريع الجنائي.
ما القادم؟
مع استمرار الجدل حول حذف الإشارة إلى الإسلام من ديباجة المسطرة الجنائية، يبقى السؤال المطروح هو: هل ستتم المصادقة النهائية على هذا التعديل أم أن الضغوط السياسية والمجتمعية ستدفع الحكومة إلى مراجعة موقفها؟ في جميع الأحوال، يبدو أن النقاش حول العلاقة بين القانون والدين سيظل قائمًا في الساحة السياسية المغربية لسنوات قادمة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك