مخطط التقسيم بالصحراء يتجدد والمغرب يُحبط مؤامرات استعمارية قديمة بواجهات جديدة

مخطط التقسيم بالصحراء يتجدد والمغرب يُحبط مؤامرات استعمارية قديمة بواجهات جديدة
سياسة / السبت 01 مارس 2025 - 10:37 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أبو فراس

تعود قضية الصحراء المغربية إلى الواجهة مجددًا، ليس باعتبارها مجرد نزاع إقليمي، بل كمخطط استراتيجي يستهدف المنطقة بأكملها، وفق ما أكده مصطفى الخلفي، الوزير السابق للعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية.

فخلال مداخلته في ندوة نظمتها "منظمة التجديد الطلابي" مؤخرا، شدد الخلفي على أن الصحراء ليست فقط ملفًا سياسيًا، بل جزء من مشروع تقسيمٍ يهدف إلى إضعاف دول المنطقة واستنزاف مواردها، عبر أجندات خارجية تسعى إلى التحكم في القرار السياسي والاقتصادي لدول شمال إفريقيا.

المخططات الاستعمارية.. تاريخ يعيد نفسه

يعود مشروع التقسيم إلى قرون مضت، إذ أصدرت الكنيسة الكاثوليكية في القرن الـ15 مرسومًا بابويًا يقسم الصحراء بين البرتغال وإسبانيا. لاحقًا، جرى الترويج لهذه الفكرة مجددًا خلال محكمة العدل الدولية، حيث بررت إسبانيا احتلالها للصحراء بحجج دينية. ولم تكن هذه المحاولة الأخيرة، فقد أُعيد طرح التقسيم في 1975 بعد اتفاق مدريد الثلاثي، ثم لاحقًا في محادثات سرية بين المغرب والجزائر عام 1978، وأيضًا عبر اتفاق 5 غشت 1979، الذي سعت الجزائر من خلاله إلى تقسيم المنطقة، لكن المغرب أفشل هذه المخططات عسكريًا.

في 2001، قدم المبعوث الأممي جيمس بيكر مشروع "اتفاق الإطار"، وهو مقترح يقوم على منح حكم ذاتي تحت السيادة المغربية، إلا أن الجزائر و"البوليساريو" رفضتاه، مما كشف زيف مزاعم الدفاع عن تقرير المصير. ثم عاد مشروع التقسيم للظهور مجددًا في 2002، حيث رحبت به الجزائر رسميًا، وهو ما كشف تناقض موقفها. وفي 2003، اقترح جيمس بيكر صيغة جديدة تجعل الحكم الذاتي مرحلة انتقالية نحو الانفصال، وهو ما رفضه المغرب قطعًا، فيما قبلت السودان بحل مشابه، أدى لاحقًا إلى انفصال جنوب السودان.

محاولات دولية للضغط على المغرب

من بين التحديات الكبرى التي واجهها المغرب، كان التدخل الأمريكي في السبعينات، حيث تعرض لضغوط من الكونغرس بقيادة اللوبي الإسرائيلي خلال ولاية جيمي كارتر. ففي 1978، صدر قرار بوقف بيع الأسلحة الأمريكية للمغرب، بحجة استخدامها في منطقة غير معترف بها دوليًا، وهو ما أدى إلى اختلال ميزان القوى العسكري بين المغرب والجزائر. غير أن المملكة تمكنت من الصمود، إذ كانت تلك الفترة حاسمة في معارك بئر أنزران والسمارة، ما ساهم في إفشال مخطط الجزائر لإنشاء دويلة في وادي الذهب.

وفي أكتوبر 2024، أعاد المبعوث الأممي طرح فكرة التقسيم كـ"بالون اختبار"، وهو ما رآه الخلفي محاولة جديدة للضغط على المغرب ودفعه إلى التنازل عن سيادته. غير أن الموقف المغربي الحازم لم يتغير، كما كان الحال في مارس 2002، حين أعلن الملك محمد السادس من العيون رفضه القاطع لأي مخطط تقسيمي.

معركة إخراج "البوليساريو" من الاتحاد الإفريقي

يعتبر طرد "البوليساريو" من الاتحاد الإفريقي أحد أكبر التحديات المطروحة اليوم، حيث يواصل المغرب حشد الدعم لتحقيق هذا الهدف. كما يسعى إلى إخراج الملف من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، إذ أصبح تواجده فيها يشكل عبئًا دبلوماسيًا، إضافة إلى مواجهة محاولات البرلمان الأوروبي التشويش على القضية الوطنية عبر استغلال قرارات محكمة العدل الأوروبية لخلق وضع قانوني ملتبس حول اتفاقيات الصيد البحري والفلاحة.

التسلح الجزائري وسباق التوازن العسكري

أكد الخلفي أن النظام الجزائري، الذي كان ينفق 5 مليارات دولار سنويًا على التسلح قبل 15 عامًا، رفع هذا الرقم إلى 25 مليار دولار حاليًا، في إطار سباق تسلح غير مبرر. ورغم أن المغرب لا يسعى إلى المواجهة العسكرية، فإنه يظل مستعدًا لحماية وحدته الترابية، خصوصًا وأن حكام الجزائر يتبنون موقفًا عدائيًا واضحًا تجاه الرباط.

رهان التكوين والترافع الشبابي

أبرز الخلفي أن من بين التحديات التي تواجه المغرب، ضعف انخراط الأجيال الجديدة في القضية الوطنية، إذ تبقى معرفتهم بها محدودة، ومشاركتهم في الترافع عنها ضعيفة. لذلك، شدد على أهمية التأهيل الذاتي، وتنمية مهارات الترافع الرقمي، والانخراط في المبادرات الترافعية لتعزيز الحضور المغربي في الساحة الدولية.

المغرب يواصل فرض سيادته رغم المناورات

رغم كل هذه التحديات، يظل المغرب متمسكًا بثوابته، ورافضًا لأي مساومة بشأن وحدته الترابية. فقد تمكن عبر عقود من المواجهة السياسية والعسكرية والدبلوماسية من إفشال مخططات التقسيم، مستندًا إلى شرعية تاريخية وقانونية، وإلى دعم متزايد من القوى الدولية، التي باتت تعترف بسيادته على أقاليمه الجنوبية.

ما يجري اليوم ليس سوى امتداد لمؤامرات قديمة، تسعى إلى زعزعة استقرار المغرب والمنطقة بأكملها، لكن المملكة أظهرت عبر التاريخ أنها قادرة على صد كل المناورات، ومواجهة كل التحديات، لتبقى الصحراء مغربية إلى الأبد.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك