أنتلجنسيا المغرب: أبو دعاء
وسط هدير الصواريخ وزمجرة القاذفات
الإسرائيلية، لا يسمع في غزة سوى دوي الانفجارات وصراخ الأطفال، لكن في قلب كل هذا
الجحيم، ترتفع كلمات الفلسطينيين كراية عزّ لا تنكسر، يقولون بصوت ملؤه الثبات:
"سنموت نعم، لكننا لن نهرب، لن نغادر، نحن هنا، كأننا الجبال الراسيات، لا
تقتلعنا الرياح، ولا تهزنا العواصف، نحن أبناء الأرض، رائحة التراب تسكن أنفاسنا،
والحنين إلى الزيتون يجري في عروقنا" .
وسط هذا الصمت الدولي المريب، حيث
يتفرج العالم على المذبحة اليومية وكأنّ الدم الفلسطيني أرخص من أن يُحتسب، يقف
أهل غزة والضفة والقدس يقولون: "نحن لا نعيش فقط لنأكل ونشرب، نحن نعيش لنكون
شهودًا على وعد السماء، نعيش لنعبر عن معنى الكرامة، ولنكسر قيد الذل ولو بالحجر" .
من بين الدمار، يخرج صوت القرآن يعلو
كأنّه سيف من نور يشق عتمة الطغيان، يتلونه تحت القصف، في الخنادق، على أنقاض
البيوت، يقولون إنهم يحاربون بالآيات، يرفعون سورة الإسراء كراية في وجه الظلم،
يتلون قول الله:
"سبحان
الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى..."، ويقولون إن كل قذيفة لا تزيدهم إلا يقينًا
بأن الله وعدهم، وأنهم الوارثون.
الفلسطيني اليوم لا يملك دبابة ولا قنبلة
نووية، لكنه يملك الإيمان، ويملك الأرض، يملك التاريخ المجبول بالدم والعزة، يقف
الطفل ممسكًا بالمصحف، ويزرع الشيخ شتلة زيتون فوق قبر الشهيد، وتكتب المرأة على
الجدار: "القدس لنا.. والعودة حق"، وهذه ليست شعارات بل عقيدة مغروسة في
القلوب.
العدو يقصف ليكسر الإرادة، ليمحو
الهوية، ليزرع الخوف، لكنه يفشل كل مرة، لأن ما يحمله الفلسطيني بداخله أقوى من كل
آلات الحرب، الفلسطيني لا ينكسر لأنه لا يقاتل فقط دفاعًا عن وطن، بل دفاعًا عن
عقيدة، عن وعد الله، عن الإيمان بأن النصر قادم مهما طال الليل واشتد الألم.
وفي نهاية كل غارة، حين يسكت صوت
المدفع، تنهض فلسطين من تحت الركام، تمسح دماءها، وتحمل معولًا لتزرع زيتونة
جديدة، وتبني جدارًا جديدًا، وترفع فوقه علمًا يقول: "الغلبة لله.. والنصر
للمجاهدين.. والقدس لنا.. وسنحررها" .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك