فلسطين..درع الأمة في مواجهة المشروع الإمبريالي الصهيوأمريكي

فلسطين..درع الأمة في مواجهة المشروع الإمبريالي الصهيوأمريكي
دولية / الأحد 16 فبراير 2025 - 11:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير

في خضم الأحداث المتسارعة التي تعصف بالمنطقة، لا يزال كثيرون يتعاملون مع القضية الفلسطينية كملف سياسي منفصل، أو مجرد نزاع جغرافي محصور بين الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني.

لكن الحقيقة التي يحاول البعض تجاهلها أو التظاهر بعدم معرفتها، هي أن فلسطين، بمقاومتها الشرسة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ليست فقط في خندق الدفاع عن حقها التاريخي، بل هي الحاجز الأول أمام مشروع إمبريالي أوسع يستهدف تفكيك المنطقة بأسرها.

إن المقاومة الفلسطينية، بكل فصائلها وتوجهاتها، ليست مجرد حركة تحرر وطني تناضل لاستعادة الأرض، بل هي رأس الحربة في معركة الوجود العربي ضد المخطط الصهيوأمريكي، الذي يهدف إلى إعادة رسم خرائط المنطقة، وتحويل الشعوب إلى كيانات ضعيفة ممزقة خاضعة للهيمنة الغربية.

الاحتلال.. أداة المشروع الاستعماري الحديث

لم يكن قيام "إسرائيل" مجرد حدث عرضي في تاريخ الشرق الأوسط، بل كان جزءًا من مشروع استعماري غربي استهدف المنطقة منذ قرون. فمنذ وعد بلفور عام 1917، كان واضحًا أن الهدف الأساسي من زرع هذا الكيان في قلب العالم العربي هو خلق قاعدة متقدمة للاستعمار الغربي، تتحكم في الممرات الاستراتيجية، وتضمن بقاء الشعوب العربية في حالة ضعف وتخلف وصراعات داخلية.

وفي العقود الأخيرة، لم يعد خافيًا أن الاحتلال الإسرائيلي ليس مجرد دولة مارقة، بل هو وكيل متقدم للمصالح الأمريكية والأوروبية في المنطقة. فمن خلاله، يتم فرض الهيمنة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، ويتم تنفيذ مخططات تهدف إلى تفتيت الدول العربية إلى كيانات متناحرة، على أساس طائفي أو عرقي، كما حدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن.

المقاومة الفلسطينية.. السد الأخير أمام مشروع الهيمنة

وسط هذا المشهد، تقف المقاومة الفلسطينية كالعقبة الأكبر أمام المخطط الإمبريالي الصهيوأمريكي. فهي ليست فقط دفاعًا عن الحق الفلسطيني، بل هي خط الدفاع الأول عن الأمة بأكملها. فلو نجح الاحتلال في القضاء على المقاومة، فذلك يعني فتح الباب أمام مشاريع التقسيم والتفتيت والتطبيع الإجباري مع الاحتلال، وإخضاع الشعوب العربية بشكل كامل للإملاءات الغربية.

ولا أدل على ذلك من الحروب التي خاضها الاحتلال ضد غزة، حيث لم يكن الهدف فقط القضاء على الفصائل المسلحة، بل كان إيصال رسالة إلى كل الشعوب العربية أن أي محاولة للتحرر أو المقاومة ستواجه بأقصى درجات العنف والتدمير.

غزة والضفة.. جبهتان في معركة واحدة

يعتقد البعض أن المقاومة تقتصر فقط على قطاع غزة، لكنه اعتقاد خاطئ. ففي الضفة الغربية المحتلة، هناك انتفاضة لا تتوقف، ومواجهات يومية مع قوات الاحتلال، تتحدى القمع والاعتقالات والمجازر المستمرة. فالمقاومة المسلحة التي تصاعدت في جنين ونابلس ورام الله والخليل، هي امتداد لنفس الروح التي تقاتل في غزة، وهي دليل على أن الشعب الفلسطيني بأكمله يرفض الخضوع، مهما كان الثمن.

أما غزة، فرغم الحصار الخانق المفروض عليها منذ أكثر من 17 عامًا، ورغم الحروب المتكررة التي حاولت إنهاء قوتها العسكرية، لا تزال تقف كرأس حربة في مواجهة المشروع الصهيوني، وتستنزف الاحتلال أمنيًا وعسكريًا واقتصاديًا، مما يعرقل تنفيذ المخطط الأمريكي الإسرائيلي الأكبر في المنطقة.

لماذا يخشى الغرب المقاومة الفلسطينية؟

يدرك المخططون في تل أبيب وواشنطن أن بقاء المقاومة يعني فشل مشروع التطبيع والتفكيك والسيطرة على المنطقة. فالمقاومة الفلسطينية لا تدافع فقط عن أرضها، بل تلهم باقي الشعوب العربية، وتعيد إحياء فكرة التحرر والسيادة، وهو ما يخشاه الغرب أكثر من أي شيء آخر.

كما أن استمرار صمود غزة والضفة يعني أن إسرائيل لن تتمكن من فرض نفسها كقوة إقليمية مهيمنة، وهو الهدف الذي سعت إليه من خلال اتفاقيات التطبيع ومحاولات دمجها في المنظومة الاقتصادية والسياسية للمنطقة.

المقاومة.. معركة الأمة بأكملها

إن التحدي الأكبر اليوم ليس فقط في استمرار المقاومة الفلسطينية، بل في استعادة الشعوب العربية لوعيها بأن هذه المعركة تخصها جميعًا. فكل رصاصة تطلقها المقاومة في غزة أو الضفة، ليست فقط دفاعًا عن حق الشعب الفلسطيني، بل هي حماية لكرامة الأمة، وإفشال لمخططات التقسيم والتبعية التي يسعى إليها الاحتلال ومن يدعمه.

لذلك، من الخطأ الاعتقاد بأن القضية الفلسطينية تخص الفلسطينيين وحدهم. فاليوم، وأكثر من أي وقت مضى، تحتاج الأمة العربية إلى أن تدرك أن فلسطين ليست مجرد أرض محتلة، بل هي السد الأخير أمام مشروع استعباد الشعوب وطمس هويتها ونهب ثرواتها.

خيار المقاومة أم الاستسلام؟

في ظل الهجمة الشرسة التي تتعرض لها المقاومة الفلسطينية، ومحاولات إضعافها وعزلها، يبقى السؤال الكبير: هل ستختار الشعوب العربية الوقوف إلى جانب المقاومة باعتبارها المعركة الأخيرة للحفاظ على كرامتها وسيادتها، أم ستترك الاحتلال يُحكم قبضته، ليبدأ بعدها مسلسل التفتيت والهيمنة؟

ما يجري اليوم ليس مجرد صراع فلسطيني-إسرائيلي، بل هو حرب وجودية تحدد مستقبل المنطقة بأكملها. وإذا كانت بعض الأنظمة تتواطأ أو تغض الطرف، فإن الشعوب مطالبة بأن تدرك أن المعركة ليست على حدود غزة والضفة فقط، بل هي معركة بين مشروع تحرر عربي ومشروع استعباد غربي-صهيوني.

وفلسطين، كما كانت دائمًا، ستبقى خط الدفاع الأول عن الأمة بأسرها.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك