أنتلجنسيا المغرب:الرباط
في تطور لافت ضمن المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، من المتوقع أن يشهد هذا الفصل تحرير خمسة من أبرز القادة الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال. الأسماء التي ستُدرج في هذه المرحلة تحمل أبعادًا رمزية وسياسية كبيرة، إذ ترتبط بأسماء شكلت جزءًا أساسيًا من مسار النضال الفلسطيني على مدار العقود الماضية.
عبدالله البرغوثي، الذي يواجه حُكمًا بـ67 مؤبدًا، يُعتبر واحدًا من أبرز قادة كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. البرغوثي، المعروف بخبرته الكبيرة في مجال الهندسة العسكرية، كان مسؤولًا عن العديد من العمليات النوعية التي استهدفت مواقع للاحتلال خلال الانتفاضة الثانية. يعد إطلاق سراحه خطوة ذات أبعاد معنوية كبيرة لحماس وللشعب الفلسطيني عمومًا، حيث يُنظر إليه كرمز للصمود والإبداع في العمل المقاوم.
إبراهيم حامد، المحكوم بـ54 مؤبدًا، شغل منصب قائد الجهاز العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية. يُعرف حامد بتخطيطه لعدد من العمليات الكبرى التي كانت لها تأثيرات واضحة على الواقع الأمني الإسرائيلي. تحريره يشكل انتصارًا كبيرًا لحركة حماس ورسالة واضحة حول قدرة المقاومة على فرض شروطها حتى في أكثر القضايا تعقيدًا.
حسن سلامة، الذي يقضي عقوبة 48 مؤبدًا، يُعتبر أيضًا من أبرز القادة الذين برزوا خلال فترة التسعينيات. اشتهر سلامة بدوره في قيادة عمليات "الثأر المقدس" ردًا على اغتيال الشهيد يحيى عياش. إعادته إلى الحرية تعكس تصميم المقاومة على إعادة مناضليها إلى أهلهم وشعبهم.
مروان البرغوثي، أحد أبرز قادة حركة فتح، محكوم بخمسة مؤبدات و40 عامًا إضافية. البرغوثي، الذي يُعد من رموز الكفاح الوطني الفلسطيني، كان عضوًا في المجلس التشريعي الفلسطيني وقائدًا بارزًا في الانتفاضة الثانية. إطلاق سراحه يُتوقع أن يُحدث تحولات سياسية داخل الساحة الفلسطينية، حيث يُعتبر شخصية توحيدية قادرة على بناء جسور بين مختلف الفصائل الفلسطينية.
أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، المحكوم بمؤبد واحد و30 عامًا، يُعتبر رمزًا للفكر اليساري في المقاومة الفلسطينية. سعدات، المتهم من قبل الاحتلال بالتخطيط لاغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي، يحظى باحترام واسع داخل الأوساط الفلسطينية. تحريره يُمثل انتصارًا كبيرًا للجبهة الشعبية ولمحور المقاومة عمومًا.
الصفقة الحالية تأتي في سياق معقد، حيث تسعى المقاومة الفلسطينية إلى تحقيق أقصى قدر من المكاسب السياسية والإنسانية مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين. هذه المرحلة الثانية من الصفقة تحمل أبعادًا تتجاوز البعد العسكري، إذ تسلط الضوء على نجاح المقاومة في فرض إرادتها رغم الضغوط الكبيرة.
من جانبها، أبدت سلطات الاحتلال تحفظًا شديدًا حيال الإفراج عن هؤلاء القادة، نظرًا لما يمثلونه من تهديد استراتيجي في نظر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. ومع ذلك، فإن إصرار المقاومة وقدرتها على إدارة الملف بحرفية عالية أثبتت قدرتها على انتزاع حقوق الأسرى وتحقيق مكاسب سياسية ومعنوية كبيرة.
تأتي هذه الخطوة في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية والإقليمية على الاحتلال للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، لا سيما مع تصاعد الأصوات الحقوقية التي تدين الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى داخل السجون الإسرائيلية. الصفقة تشكل فرصة لتعزيز الوحدة الفلسطينية ورفع الروح المعنوية داخل الشارع الفلسطيني الذي ينظر إلى قضية الأسرى كجزء لا يتجزأ من النضال الوطني.
تحرير هؤلاء القادة يعيد الأمل إلى آلاف العائلات الفلسطينية التي تنتظر عودة أبنائها، ويُعطي دفعة قوية للمقاومة في مسارها الطويل نحو التحرير والاستقلال.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك