الحرب الإعلامية على غزة..انحياز غربي مُمنهج يُشوّه معاناة الفلسطينيين

 الحرب الإعلامية على غزة..انحياز غربي مُمنهج يُشوّه معاناة الفلسطينيين
دولية / الجمعة 27 دجنبر 2024 14:32:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:هيأة التحرير

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تصاعدت الانتقادات الموجهة لوسائل الإعلام الغربية بشأن معايير تغطيتها لهذا الصراع. فقد اتُهمت بتبني روايات مُنحازة لإسرائيل على حساب التوازن والموضوعية، ما أدى إلى تغييب السرد الفلسطيني وتشويه الحقائق المتعلقة بمعاناة الضحايا. وعلى الرغم من اعتدادها بالمهنية الصحفية، يبدو أن التغطية الغربية تتجاهل السياقات التاريخية والسياسية للنزاع، مكرسةً صورة أحادية تُبرز إسرائيل كضحية، وتُهمش الفلسطينيين كأرقام إحصائية بلا صوت.

انحياز الإعلام الغربي: أدوات وآليات

وسائل الإعلام الغربية استخدمت أدوات عديدة لترسيخ الرواية الإسرائيلية:

  1. انتقاء المصطلحات والعناوين: العناوين غالبًا ما تصوّر إسرائيل كضحية "تدافع عن نفسها"، بينما تُجرّد الفلسطينيين من إنسانيتهم. مثال ذلك، استخدام كلمات مثل "قتل" عند الإشارة إلى الإسرائيليين، بينما تُستخدم كلمات مثل "مات" عند الحديث عن الفلسطينيين.

  2. التجاهل المتعمد للسياق التاريخي والسياسي: يتم التعامل مع الصراع بشكل سطحي، دون الإشارة إلى الحصار المفروض على غزة أو الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود.

  3. تغييب الأصوات الفلسطينية: تقتصر معظم التغطيات على تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أو محللين داعمين لإسرائيل، بينما تُهمَّش الرواية الفلسطينية تمامًا.

رصد مسبار: انحياز الإعلام الغربي

خلال الحرب على غزة، وثق مركز "مسبار" تحيزًا واضحًا في تغطيات وسائل إعلام كبرى مثل "بي بي سي". ومن أبرز الأمثلة:

  1. تغطية الإبادة الجماعية: عند صدور قرار محكمة العدل الدولية بشأن منع التحريض على الإبادة الجماعية، ركزت "بي بي سي" على تعقيدات قانونية لتبرير التصريحات الإسرائيلية المثيرة للجدل، مما ساهم في تخفيف وطأتها.

  2. الاختلاف بين النسخ الإنجليزية والعربية: النسخة الإنجليزية من تقارير "بي بي سي" تضمنت وصف "مزعومة" للتحريض، مما يعكس تشكيكًا ضمنيًا، بينما خلت النسخة العربية من هذا التوصيف.

تحقيق أوين جونز: انحياز بي بي سي

الصحافي البريطاني أوين جونز نشر تحقيقًا بعنوان "الحرب الأهلية في بي بي سي حول غزة"، كشف فيه:

  1. تحكم رافي بيرغ في التغطية: المحرر رافي بيرغ اتُهم بتخفيف حدة الانتقادات لإسرائيل، وتغييب الرواية الفلسطينية.

  2. اعتراضات داخلية: وقع أكثر من 100 موظف في "بي بي سي" رسالة مفتوحة تنتقد التحيز الواضح في التغطية، لكن الإدارة رفضت معالجة الشكاوى.

  3. تحليل كمي للتقارير: أظهر تحليل أكثر من 2,900 تقرير اختلالًا في تغطية الأحداث بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع التركيز على معاناة الإسرائيليين وتجاهل الفظائع بحق الفلسطينيين.

الضغط السياسي وجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل

تواجه "بي بي سي" ضغوطًا كبيرة من جماعات مؤيدة لإسرائيل، مما يؤثر على سياستها التحريرية:

  1. تأثير روبي جيب: جيب، عضو لجنة معايير التحرير في "بي بي سي"، متهم بتوجيه التغطية لصالح إسرائيل.

  2. انتهاك المعايير التحريرية: رغم دعوات الصحفيين لإعادة النظر في السياسة التحريرية، لم تُتخذ إجراءات ملموسة، مما زاد من حالة الإحباط داخل المؤسسة.

نتائج التحقيق: فجوة في العدالة الإعلامية

أظهر تحليل بيانات "بي بي سي":

  1. انحياز لغوي: 27% فقط من عناوين الأخبار المتعلقة بالفلسطينيين أشارت إلى المسؤول عن قتلهم، مقارنة بـ43% عند الحديث عن الإسرائيليين.

  2. التغطية غير المتوازنة: ركزت "بي بي سي" على معاناة الإسرائيليين بشكل إنساني، بينما تم التعامل مع الفلسطينيين كأرقام إحصائية.

استنتاجات:

  • انحياز الإعلام الغربي، خاصة في تغطية "بي بي سي"، يعكس أزمة أخلاقية ومهنية تؤثر على تشكيل الرأي العام العالمي.

  • معالجة هذا الانحياز تتطلب شفافية تحريرية وإدراج الروايات الفلسطينية بشكل عادل ومتوازن.

  • الحرب الإعلامية لا تقل خطورة عن الحروب العسكرية، ودور الإعلام في تحقيق العدالة الإنسانية أمر لا يحتمل المساومة.

 يبقى الإعلام الغربي تحت المجهر في زمن النزاعات، حيث تظهر الحاجة الملحّة لإصلاح جذري يضمن النزاهة والتوازن في تغطية الأحداث. فالمهنية الصحافية ليست مجرد شعار، بل مسؤولية تاريخية وأخلاقية.

المصدر:عن مسبار بتصرف

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك