أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
في أفق واعد يَعِدُ بتحولات نوعية على مستوى التعاون الاقتصادي بين الرباط ومانيلا، أشاد سفير الفلبين بالمغرب، ليزلي جي باجا، بجودة العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين، مؤكداً أن الشراكة المغربية الفلبينية تقف اليوم عند نقطة تحول مفصلية، تحمل في طياتها مؤشرات قوية على انطلاقة جديدة، وأكثر طموحاً، في المسار الاقتصادي والدبلوماسي المشترك.
ويأتي هذا التصريح في سياق الاحتفاء بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والفلبين، وهي مناسبة استحضر خلالها الطرفان منجزات نصف قرن من التعاون، وعبّرا عن إرادة مشتركة لتعزيزها على أسس جديدة تتلاءم مع التحديات الجيو-اقتصادية المعاصرة. السفير باجا، وفي كلمة رسمية ألقاها خلال فعالية دبلوماسية بالعاصمة الرباط، أبرز أن المغرب يُعدّ شريكاً استراتيجياً للفلبين في شمال إفريقيا، مشيداً بموقعه الجغرافي الحيوي كبوابة للولوج إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية، وهو ما يجعله منصة استثمارية واعدة ومثالية للشركات الفلبينية الراغبة في التوسع.
الحديث عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لم يعد يقتصر على المبادلات التجارية فقط، بل امتد ليشمل آفاقاً أرحب تشمل مجالات متعددة مثل الطاقات المتجددة، والصناعات الفلاحية والغذائية، والسياحة المستدامة، والتعليم العالي، وتكنولوجيا المعلومات. وقد بدأ البلدان بالفعل خطوات عملية لتعميق التعاون في هذه القطاعات، من خلال توقيع مذكرات تفاهم، وتنظيم منتديات أعمال مشتركة، وزيارات ميدانية لوفود اقتصادية رفيعة المستوى من الجانبين.
وفي هذا الصدد، أشار السفير الفلبيني إلى أن رجال الأعمال في بلده يبدون اهتماماً متزايداً بالفرص التي يوفرها السوق المغربي، خصوصاً في قطاعات مثل الصناعات الفلاحية، والبنية التحتية، والتكنولوجيا الزراعية، التي تُعتبر من ركائز الاقتصاد الفلبيني أيضاً، ما يجعل فرص التكامل الاقتصادي بين البلدين أكثر من واعدة. كما لفت إلى أن الجالية الفلبينية المقيمة بالمغرب، وإن كانت صغيرة نسبياً، تلعب دوراً رمزياً في تقريب الشعوب وتعزيز التفاهم الثقافي بين الطرفين، وهو عنصر لا يقل أهمية عن العلاقات الاقتصادية الرسمية.
من جانب آخر، يُتوقع أن تشهد السنوات المقبلة دفعة قوية على مستوى التبادل السياحي، خاصة بعد إعلان نية البلدين دراسة إمكانية فتح خطوط جوية مباشرة، وهو ما من شأنه تسهيل حركة المستثمرين والسياح والطلاب، وتوسيع آفاق الشراكة الثنائية لتشمل الجوانب الإنسانية والثقافية كذلك.
تجدر الإشارة إلى أن التبادلات التجارية بين المغرب والفلبين، رغم تواضعها النسبي حالياً، إلا أنها سجلت نمواً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، مع وجود رغبة سياسية واضحة لدى الطرفين لتوسيع قنوات الاستثمار، وتنويع مجالات التعاون، بما يخدم مصالحهما الاستراتيجية المشتركة. وبالنظر إلى الدينامية الجديدة التي بدأت تطبع علاقات الرباط مع عواصم آسيا، فإن الفلبين تجد في المغرب شريكاً قادراً على لعب دور مركزي في تعزيز روابطها الاقتصادية مع إفريقيا.
في هذا السياق، يبقى الرهان الأكبر اليوم هو ترجمة النوايا السياسية إلى برامج واقعية، وتوفير الإطار القانوني والمؤسساتي الذي يضمن استمرارية التعاون، وتوسيع الشراكة على أسس متينة من الثقة والمصالح المشتركة. خمسون سنة من العلاقات الدبلوماسية قد تكون مجرد بداية لمسار اقتصادي أكثر رسوخاً وتكاملاً، في عالم يحتاج فيه الشركاء إلى التنسيق أكثر من أي وقت مضى.
وفي ظل التحولات الكبرى التي يعرفها الاقتصاد العالمي، فإن المغرب والفلبين يمتلكان كل المقومات لنسج نموذج شراكة جنوب-جنوب ناجح وفعّال، يضمن الربح المتبادل، ويُترجم الإرادة السياسية إلى نتائج ملموسة تخدم حاضر ومستقبل شعبي البلدين.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك