أنتلجنسيا
المغرب: فهد الباهي/إيطاليا
تعتبر صناعة السيارات في المغرب من القطاعات الحيوية التي شهدت
تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، ففي فترة زمنية قصيرة، تحول المغرب إلى واحد من
أبرز المنتجين للسيارات في إفريقيا، مما جعله نقطة جذب كبرى للاستثمارات الأجنبية،
وفتح أمامه أبوابًا جديدة في الأسواق العالمية.
لكن، على الرغم من النمو الملحوظ في هذا القطاع،
يظل المواطن المغربي في بعض الأحيان بعيدًا عن الفوائد الحقيقية لهذا الازدهار
الصناعي.
القطاع الصناعي الجديد:
نجاح على الورق
في عام 2025، تشير التقارير إلى أن المغرب ينتج حوالي 700,000 سبعمائة ألف سيارة
سنويًا، مما يجعله من بين أكبر الدول المصنعة في إفريقيا، ومع هذا الإنتاج الهائل،
يبلغ متوسط الإنتاج اليومي حوالي 1,900 ألف وتسعمائة سيارة، ويستمر المصنعون في تعزيز القدرات
الإنتاجية.
ولكن رغم هذه
الأرقام الكبيرة، لا تتجسد نتائجها الفعلية في تحسين الظروف الاقتصادية للفرد
المغربي أو خلق فرص عمل مستدامة تلبي حاجات المجتمع.
تصدير السيارات: المغرب
يحقق قفزات ولكن...
من أهم نتائج هذه الصناعة، تصدير المغرب لسياراته إلى أكثر من
سبعين دولة حول العالم، حيث تجاوزت قيمة صادراته في العام 2024 حدود 11.5 إحدى عشر
ونصف مليار دولار، كما أظهرت التقارير أن صادرات المغرب إلى الاتحاد الأوروبي قد
شهدت زيادة ملحوظة، وصلت إلى خمس عشرة فاصلة واحد مليار يورو.
لكن، رغم هذه
الأرقام، يبقى التساؤل قائمًا: كيف يؤثر هذا التصدير على الاقتصاد الوطني والمواطن
العادي؟ .
الوظائف والفرص: هل تحقق
صناعة السيارات التوقعات؟
في إطار هذه الصناعة الضخمة، يتوقع أن تساهم في خلق العديد من
فرص العمل في مجالات متعددة، من بينها تصنيع السيارات وتجميعها، بالإضافة إلى
البحث والتطوير في تكنولوجيا السيارات.
ومع ذلك، فإن
الواقع يشير إلى أن هذه الفرص لا تعكس الآمال المعلقة عليها، لم تنجح الصناعة في
تخفيض نسبة الفقر أو الحد من البطالة بشكل ملحوظ، بل إن العديد من المواطنين لا
يشعرون بآثار إيجابية على حياتهم اليومية.
الأرباح الاقتصادية: أين
تذهب؟
على الرغم من النمو الكبير في قطاع صناعة السيارات، إلا أن
الأرقام المتعلقة بالإنتاج والتصدير تظل ضبابية في العديد من الحالات، لا توجد
مؤشرات واضحة تبين نسبة الأرباح الفعلية التي تحققها الدولة من هذه الصناعة أو
تأثيرها على الاقتصاد الوطني.
فالكثير من
المواطنين لا يرون تحسنًا ملموسًا في مستوى معيشتهم رغم هذا الانتعاش الصناعي. إن
غياب الشفافية في توزيع الأرباح والتأثيرات الاقتصادية يبقي الشعب المغربي في حالة
من الغموض.
السياسات الاقتصادية: غياب
الاستراتيجية الواضحة
تسود حالة من الغموض حول السياسات الحكومية في ما يتعلق بتنمية
قطاع السيارات. فبعض الخبراء يعتبرون أن سياسات الاستثمار في هذا القطاع لم تكن واضحة
أو كافية لتحقيق التوازن بين الإنتاج الصناعي والتنمية الاجتماعية، هناك حاجة ماسة
إلى خطة اقتصادية شاملة تركز على تحسين حياة المواطن المغربي بجانب تعزيز الصناعة.
التحديات الاجتماعية:
الصناعة لا تحل مشاكل الفقر
على الرغم من الازدهار في مجال صناعة السيارات، فإن نسبة الفقر
والهشاشة الاجتماعية في المغرب لا تزال مرتفعة، يفتقر العديد من المغاربة إلى
التقدير العادل للفرص التي تقدمها هذه الصناعة، والنتائج التي يتوقعونها من هذا
النمو الصناعي.
في الواقع، لا
تكفي هذه الصناعة لحل مشاكل الفقر التي يعاني منها الكثير من الناس في مختلف أنحاء
البلاد.
مستقبل الصناعة في
المغرب... إلى أين؟
بغض النظر عن النجاح الذي
حققته صناعة السيارات في المغرب على المستوى الصناعي والتصديري، يبقى المستقبل
الاجتماعي والاقتصادي في المغرب بحاجة إلى مزيد من الشفافية والسياسات الاقتصادية
المدروسة، فالتوسع في القطاع الصناعي يجب أن يرتبط دائمًا بتحسين أوضاع المواطنين
وخلق فرص عمل حقيقية ومستدامة تساهم في تقليل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك