أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
سجل المغرب نمواً ملحوظاً في أعقاب جائحة كوفيد-19 وأزمة الطاقة، على الرغم من التحديات التي فرضها زلزال عام 2023 والجفاف المستمر.
ويستفيد الاقتصاد المغربي من استقرار النظام الكلي، حيث تقلص العجز المالي تدريجياً ليصل معدل الدين العام إلى حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي.
إصلاحات جذرية لتعزيز الاستثمار والحماية الاجتماعية
شرع المغرب في إصلاحات هامة تهدف إلى تشجيع الاستثمار وتوسيع نطاق التأمين الصحي والحماية الاجتماعية. ومع ذلك، يتطلب تحقيق رؤية "النموذج التنموي الجديد" مساراً أقوى للتقارب الاقتصادي.
النشاط الاقتصادي وعوامل التحفيز
يعتمد التعافي الاقتصادي في المغرب على زيادة الاستهلاك والاستثمار والصادرات القوية. وأدى الاستخدام المرتفع للقدرات الإنتاجية إلى تعزيز الاستثمار، بينما تراجعت معدلات التضخم بفضل انخفاض أسعار المواد الغذائية، مما أتاح المجال لتخفيض أسعار الفائدة في منتصف عام 2024.
إدارة العجز وتحديث السياسات المالية
رغم تعرض الاقتصاد المغربي لصدمات عدة، ساهمت السياسات المالية النشطة في تخفيف الآثار السلبية. ويُتوقع أن يتم تقليص العجز إلى 3% بحلول عام 2026 بفضل استراتيجيات الإنفاق والإصلاح الضريبي. كما أن تقليص حجم الاقتصاد غير الرسمي وتعزيز الإيرادات من القطاعات المختلفة، بما في ذلك التعدين، يمثلان أولوية لزيادة العوائد وتحسين الكفاءة المالية.
تحقيق التنمية الاجتماعية ومكافحة الاقتصاد غير الرسمي
أدت الإصلاحات إلى توسيع نطاق التأمين الصحي وتحسين نظام الدعم الاجتماعي. ومع ذلك، يشكل الاقتصاد غير الرسمي عقبة أمام تحقيق وظائف ذات جودة وأجور مناسبة، خاصة في المناطق الريفية. ويلزم إدخال تدابير تشجع الانتقال نحو الاقتصاد الرسمي، مثل خفض معدلات الضرائب على الدخل المنخفض وتبسيط القوانين المتعلقة بالعمل.
تحديات سوق العمل: الشباب والنساء في الصدارة
يعاني سوق العمل المغربي من ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، خاصة الحاصلين على شهادات جامعية، وانخفاض معدل مشاركة النساء. يتطلب تحسين هذه المؤشرات توفير فرص متكافئة وتعزيز تمكين النساء من خلال تسهيل الوصول إلى التمويل، ومكافحة التمييز، وتوفير بيئات عمل داعمة.
الابتكار والتحول الرقمي
لا تزال مستويات الإنفاق على الابتكار منخفضة، ويشهد تبني التكنولوجيا الرقمية تقدماً بطيئاً. لتحفيز النمو، يحتاج المغرب إلى دعم الابتكار وضمان وصول عادل إلى الإنترنت، بالإضافة إلى تحسين التدريب على المهارات الرقمية.
أزمة المناخ والمياه: تحديات وفرص
يواجه المغرب تحديات كبيرة مرتبطة بالتغير المناخي والإجهاد المائي. رغم التزامه بخفض انبعاثات الكربون بنسبة 45% بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، إلا أن ندرة المياه تُعد من القضايا الحرجة. يتطلب الحل إعادة تقييم تسعير المياه بما يعكس تكاليف الإنتاج والندرة، إلى جانب تحسين إدارة الموارد المائية والبنية التحتية.
نموذج مغربي طموح لتحقيق التنمية المستدامة
يثبت المغرب، رغم الأزمات، قدرة مميزة على التعافي وتعزيز مكانته كاقتصاد مرن ومستقر. ومع استمراره في تنفيذ الإصلاحات وتعزيز الاستدامة، يظل تحقيق أهداف "النموذج التنموي الجديد" رهناً بزيادة الإنتاجية، جذب الاستثمار الخاص، وتحقيق تنمية اجتماعية شاملة.
المصدر:مترجم عن موقع OCDE
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك