أزمة الشغل بالمغرب مع نهاية 2024::واقع مُعقد وآفاق مشوشة للحل

أزمة الشغل بالمغرب مع نهاية 2024::واقع مُعقد وآفاق مشوشة للحل
اقتصاد / الجمعة 06 دجنبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أبو فراس

مع اقتراب نهاية عام 2024، يبرز ملف التشغيل كواحد من أبرز التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المغرب. ورغم الجهود الحكومية المبذولة على مدى السنوات الماضية، ما تزال البطالة تشكل هاجسًا كبيرًا للمغاربة، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية وتأثيرات التغير المناخي التي تضغط على القطاعات الإنتاجية في البلاد.

مؤشرات وأرقام البطالة في 2024

بحسب معطيات رسمية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، شهد معدل البطالة في المغرب ارتفاعًا ملحوظًا خلال العام الجاري، حيث بلغ 13.6%، بزيادة قدرها 4% مقارنة بالعام الماضي. ووصل عدد العاطلين عن العمل إلى مليون و683 ألف شخص، مع تسجيل ارتفاع في البطالة في صفوف الشباب والنساء.

البطالة حسب الفئات:

الشباب (15-24 سنة): تُعد الفئة الأكثر تضررًا، إذ بلغ معدل البطالة في صفوفها 39.5%. يرجع ذلك إلى ضعف الفرص في سوق الشغل وضعف توافق التكوينات التعليمية مع متطلبات السوق.

النساء: سجلت النساء معدل بطالة بلغ 25.9%، مع ارتفاع واضح في المناطق الحضرية مقارنة بالمناطق القروية. ورغم المبادرات الرامية لدعم التمكين الاقتصادي للنساء، إلا أن التحديات الثقافية والاقتصادية ما تزال تحد من اندماجهن الكامل في سوق العمل.

الرجال: شهد معدل البطالة بين الرجال أيضًا ارتفاعًا ليصل إلى 20.1%، مما يعكس استمرار التحديات الهيكلية في الاقتصاد المغربي.

التوزيع الجغرافي للبطالة:

تتركز البطالة في المناطق الحضرية بنسبة تفوق 18%، بينما تسجل المناطق القروية معدلات أقل بسبب اعتماد أغلب السكان على الأنشطة الفلاحية.

جهات مثل الدار البيضاء-سطات، والرباط-سلا-القنيطرة، ومراكش-آسفي، تتصدر قائمة الجهات الأكثر تأثرًا.

الأسباب الكامنة وراء أزمة الشغل

1. التباطؤ الاقتصادي:

تأثرت العديد من القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والسياحة بالخروج البطيء من تأثيرات جائحة كورونا والتوترات الاقتصادية العالمية، مما أدى إلى تقلص فرص العمل.

2. ضعف التكوين المهني:

رغم الجهود المبذولة لتطوير منظومة التكوين المهني، إلا أن عدم توافق المهارات المكتسبة مع احتياجات سوق العمل يظل عائقًا أمام اندماج الشباب.

3. التحديات المناخية:

قطاع الفلاحة، الذي يُعد مصدر رزق رئيسي في المغرب، تأثر بشدة بفعل التغيرات المناخية، ما أدى إلى تراجع فرص العمل في المناطق القروية.

4. ارتفاع الكثافة السكانية في المدن:

أدى النزوح نحو المدن إلى تزايد الضغط على سوق العمل الحضري، مما جعل البطالة أكثر انتشارًا في المناطق الحضرية.

جهود الحكومة المغربية

رغم التحديات، بذلت الحكومة المغربية جهودًا كبيرة لتخفيف أزمة الشغل، منها:

برامج التشغيل:

أطلقت الحكومة برنامج “فرصة” وبرنامج “أوراش” لدعم الإدماج المهني للشباب وتمكينهم من دخول سوق العمل.

بلغ عدد المستفيدين من هذه البرامج أكثر من 100 ألف شخص في عام 2024.

تشجيع ريادة الأعمال:

تم توفير تمويلات ميسرة لفائدة الشباب الراغبين في تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة.

إنشاء منصات إلكترونية لتسهيل الوصول إلى فرص التمويل.

تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص:

عملت الحكومة على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل جديدة خاصة في القطاعات الصناعية والتكنولوجية.

الاستثمار في القطاعات الواعدة:

ركزت الجهود على تطوير قطاعات مثل الطاقات المتجددة، والصناعة الخضراء، والرقمنة، التي تتيح إمكانات كبيرة للتشغيل.

التحديات التي تواجه الحلول المقترحة

رغم البرامج الطموحة، تواجه الجهود الحكومية عدة عقبات:

ضعف التنسيق بين القطاعات المختلفة.

استمرار التحديات البيروقراطية التي تعيق تسهيل الاستثمار.

بطء استجابة سوق العمل للتحولات العالمية مثل الذكاء الاصطناعي والرقمنة.

آفاق مستقبلية

لتجاوز أزمة البطالة، يقترح الخبراء التركيز على:

إصلاح منظومة التعليم: ضمان توافق المناهج مع احتياجات سوق العمل.

تشجيع القطاع الفلاحي والصناعات الغذائية: باعتباره مصدرًا رئيسيًا للتشغيل في المناطق القروية.

تسريع وتيرة الرقمنة: استثمار التحول الرقمي في خلق فرص عمل جديدة.

تحفيز الاستثمارات الأجنبية: توفير بيئة استثمارية جاذبة تسهم في خلق مناصب شغل مستدامة.

ختاما، تمثل أزمة الشغل بالمغرب تحديًا مركبًا يتطلب استراتيجيات متكاملة وطويلة الأمد. ومع أن الجهود الحالية تسير في الاتجاه الصحيح، إلا أن تحقيق نتائج ملموسة يستدعي تسريع وتيرة الإصلاحات وتعزيز التنسيق بين جميع الأطراف الفاعلة. يبقى الأمل معقودًا على أن تشكل رؤية مغرب 2030 رافعة حقيقية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تعالج جذور الأزمة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك