الصحة بسيدي يحيى الغرب تختنق.. هل يتدخل الملك قبل فوات الأوان؟

الصحة بسيدي يحيى الغرب تختنق.. هل يتدخل الملك قبل فوات الأوان؟
ديكريبتاج / الثلاثاء 15 أبريل 2025 - 15:24 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا

في قلب الغرب المغربي، حيث تحاصر جبال الصمت الحقيقة ويقهر الإهمال أحلام الآلاف، يعلو صوت سكان "مدينة سيدي يحيى الغرب" ونواحيها بنداء عاجل إلى جلالة الملك، بعدما باءت كل المحاولات بالفشل، وتأكد أن لا أمل يُرتجى من وعود الجهات المسؤولة.

أزمة صحية خانقة تقود الإقليم نحو كارثة إنسانية، وسط انهيار شبه تام للخدمات الصحية، بنسبة تتجاوز 90%، وفق تقديرات الساكنة.


الإقليم يضم أكثر من 250 ألف نسمة، وسيدي يحيى الغرب ونواحيها تحتضن ما يزيد عن 150 ألفًا، لتتحول إلى مركز جغرافي حيوي يتوسط عشرات الدواوير والقرى الممتدة من "جماعة الرحاونة ومن الدواغر إلى بني ثور- العبابدة، ومن التوازيط شنانفة لبيض، حيث لا يجد المرضى سوى "مساحة 10/10 متر" كمستشفى محلي، ومستوصف يفتح أبوابه مرة كل شهر، في مشهد سريالي لا يليق بما تصرح به الجهات الحكومية، والحكومة التي تسعى إلى العدالة الاجتماعية حسب مزاعمها.

في خضم هذا الواقع، تعلّق الساكنة آمالها على مستشفى إقليمي بدأ العمل عليه منذ سبع سنوات تقريبا فوق تراب جماعة "الرحاونة"، إلا أن الواقع يقول غير ما يروّج له المسؤولون، فالورش ما يزال شبه صحراءً إسمنتية يتآكلها الزمن، والبناية تحوّلت إلى أطلال لم تُكمل دهانها، وأعمدتها قائمة كأنها تنتظر لحظة السقوط النهائي.

مراسلات عديدة من المواطنين، ووُجّهت واحدة خجولة من برلمانيي الجهة إلى الجهات المركزية، طالبين تفسيرات واضحة.

لكن الرد الرسمي جاء مُحمّلاً بعبارات تقنية متفائلة حدّ السخرية، تتحدث عن "إيقاع جيد" في تقدم الأشغال، وعن نسب وهمية في السباكة والكهرباء، وعن "عناية خاصة" من طرف وزارة الصحة.


الأغرب أن الصور الحية والزيارات الميدانية تُكذّب الرواية الرسمية تماما، لا أثر لورش فعلي، لا عمال، لا تجهيزات، لا تقدم، فقط جدران خربة وأعمدة متآكلة بفعل الإهمال، ما يطرح أسئلة حول شفافية التدبير، وحقيقة تتبع المشروع، وجدّية الدولة في الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها في هذه الربوع المهمشة.

الأصوات تتعالى اليوم للمطالبة بتدخل النيابة العامة، ووزارة الداخلية، والمجلس الأعلى للحسابات، لفتح تحقيق شامل في مصير هذا الورش الصحي المتوقف، ومحاسبة المسؤولين عن تبديد الزمن التنموي للمنطقة، وحرمان الساكنة من حقها في العلاج والكرامة.

في ذات السياق، توجهت أصابع الاتهام نحو المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بسيدي سليمان، المدعو "ك.محمد"، الذي تدور حوله شبهات خطيرة تتعلق بسوء التدبير، بل وبتهريب سيارة إسعاف كانت قد حصلت عليها مدينة "سيدي يحيى الغرب" في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى وجهة مجهولة، في غياب أي مبرر قانوني.

سكان سيدي يحيى الغرب لا يُخفون غضبهم من صمت المنتخبين، ومن تقاعس المسؤولين المحليين، الذين باتوا مجرد ديكور سياسي في مشهد يُحتضر فيه المواطن، وتُقتل فيه كرامته على أبواب المستشفيات المغلقة أو المعدومة.

المؤسف أكثر أن المشهد لا يقتصر على ضعف الخدمات، بل يتعداه إلى استهتار كامل بروح الدستور الذي جعل من الكرامة والعدالة وتكافؤ الفرص ركيزة أساسية لبناء المغرب الجديد، بينما هنا في سيدي يحيى يُدفن الدستور تحت ركام اللامبالاة.

هل يُعقل أن تبقى مدينة بهذا الحجم، وبهذه الكثافة السكانية، وحزامها القروي، دون مستشفى حقيقي؟

هل يُعقل أن تظل عشرات الدواوير رهينة للانتظار والموت البطيء، في وطن لا تنقصه الميزانيات بقدر ما تنقصه الإرادة؟

إنها ليست أزمة قطاع فقط، بل كارثة إنسانية وفضيحة تدبيرية، تتطلب من الدولة أن تفتح أعينها على هذه البقعة المنسية من خريطة الوطن، التي تستحق أن تعيش كما باقي مدن المملكة، لا أن تموت في صمت.

النداء الأخير لم يعد يُوجه إلى مسؤول محلي أو مندوب جهوي، بل إلى أعلى سلطة في البلاد، إلى جلالة الملك "محمد السادس"، الذي عُرف دائمًا بانحيازه للمواطن البسيط، وتدخله الحاسم حين تصم المؤسسات آذانها عن نداءات الاستغاثة.

الملك وحده، اليوم، القادر على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ورد الاعتبار لهذه المدينة وساكنتها، ووضع حد لهذا العبث الصحي، قبل أن تُسجَّل أرواح جديدة في خانة "الضحايا بالصمت الرسمي".

إن تدخل جلالة الملك لم يعد خيارًا، بل صار ضرورة وطنية مستعجلة، لإنهاء فصل مظلم من التهميش، وكتابة بداية جديدة من الكرامة الصحية والتنمية الشاملة، في سيدي يحيى الغرب وسائر ربوع إقليم سيدي سليمان.

هكذا الساكنة تنتظر مستشفاها الإقليمي 


 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك