أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
شهد المغرب، يوم الجمعة 4 أبريل 2025، أكثر من 100 مسيرة ووقفة احتجاجية في مختلف المدن والقرى، دعمًا لصمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتنديدًا بالمجازر المتواصلة في حق المدنيين.
مشاهد اللافتات، والهتافات، واحتشاد الأسر والطلبة والحقوقيين، عمّت الساحات من طنجة إلى الداخلة.
ورغم زخم الحضور والمشاعر الجارفة، لم تحظَ هذه المشاهد بمكان لها في تقارير قناة "الجزيرة" القطرية، كما لو أن الأمر وقع في عالم موازٍ.
إغفال أم تجاهل متعمد؟
غاب صوت الشارع المغربي عن الشاشة القطرية. غاب رغم اتساع رقعة الاحتجاجات واتساقها الزمني، منذ اندلاع حرب الإبادة في غزة في أكتوبر 2023، إذ ينظم المغاربة وقفات ومسيرات شبه يومية، لا تقتصر على المدن الكبرى فقط، بل تمتد إلى بلدات صغيرة ومناطق قروية.
ومع ذلك، لم تظهر هذه الحراكات إلا نادرًا، وفي فترات متباعدة، وفي لقطات مجتزأة لا تترجم حجم الزخم.
فهل هو مجرد خلل تحريري؟ أم أن خلفه اعتبارات سياسية أو مهنية؟ هذا هو السؤال الذي بات يُطرح بإلحاح بين النشطاء والإعلاميين المغاربة، الذين استغربوا هذا "التحفظ" الإعلامي تجاه حراك شعبي وطني يتجاوز كل الخلفيات الإيديولوجية والحزبية.
شكوك تحوم حول مراسل القناة في المغرب
وفق ما أكده نشطاء مغاربة، فقد تم التواصل مرارًا مع مراسل "الجزيرة" بالمغرب من طرف فعاليات مدنية وحقوقية، وتزويده بصور، معلومات، وتواريخ لمظاهرات قائمة وقادمة.
لكن – حسب نفس المصادر – لم يصدر عن القناة أي تفاعل يُذكر، بل لم تُنقل حتى المسيرات المركزية الكبرى في الرباط والدار البيضاء في أوجها، والتي شارك فيها عشرات الآلاف.
هذا التجاهل فتح الباب على مصراعيه أمام فرضيات مثيرة: هل يتعلق الأمر باختيار شخصي للمراسل؟ أم بخط تحريري اتخذته القناة بتنسيق مع مراكز قرار معينة؟ أم أن الأمر أبسط من ذلك، ويتعلق بمحدودية تغطية أو تفاوت في تقييم الأخبار؟
"الجزيرة" وتناقض المعايير التحريرية؟
يلاحظ المهتمون أن قناة "الجزيرة" دأبت على تغطية الحراكات والاحتجاجات في دول أخرى حتى وإن كانت صغيرة نسبيًا، بل وتخصص لها ساعات من التغطية المباشرة والتقارير الميدانية.
غير أن الاستثناء المغربي يثير علامات استفهام، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بحراك من أجل غزة، حيث تتلاقى المشاعر الشعبية مع الخط التحريري المُعلن للقناة، والذي يزعم دعم القضية الفلسطينية.
لماذا يتم التعتيم على أحد أكثر الشوارع العربية حيوية وتضامنًا؟ سؤال مشروع يُطرح كل أسبوع مع كل مسيرة، دون إجابة واضحة حتى الآن من إدارة القناة أو من مراسليها.
حراك لا يحتاج لعدسات الجزيرة كي يُرى
رغم الغياب الإعلامي، يواصل المغاربة حراكهم بلا كلل. منظمات المجتمع المدني، النقابات، جمعيات الآباء، الطلبة، والأسر، يتداولون صور مسيراتهم ويغنونها بالمحتوى، حيث تتحول منصات التواصل الاجتماعي إلى قنوات بديلة تُنقل من خلالها الحقيقة دون وساطة "انتقائية".
في هذا السياق، باتت منصات مثل فيسبوك ويوتيوب وتويتر، أقرب إلى "شاشات شعبية" لا تخضع لحسابات القنوات، وتنقل النبض كما هو.
هل آن أوان المكاشفة؟
الحراك المغربي الداعم لغزة ليس حدثًا موسميًا، بل تعبير حي عن وعي شعبي عميق. تجاهله ليس فقط إساءة للحقيقة، بل إضعاف للقضية ذاتها.
وإذا كانت "الجزيرة" قد اختارت التجاهل، فإن الأسئلة المطروحة اليوم لا تخص فقط مهنية القناة، بل أيضًا مصداقيتها أمام جمهور مغربي ظل لسنوات يعتبرها مرجعًا في نقل صوت الشعوب.
فهل تتحرك إدارة القناة لتصحيح هذا الخلل؟ أم أن "الصمت" هو قرار مُسبق باقٍ إلى إشعار آخر؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك