قطرات مطر تُسقط قناع المسؤولين والبنية التحتية تسبح في «الشطيح والرديح»!

قطرات مطر تُسقط قناع المسؤولين والبنية التحتية تسبح في «الشطيح والرديح»!
ديكريبتاج / الإثنين 10 مارس 2025 01:02 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ع.الباز

من قال إن المطر خيرٌ دائمًا، لم يرَ بعدُ شوارع المغرب بعد زخات قليلة، فقد تحولت مدن وجماعات المملكة في الأيام الأخيرة إلى ما يشبه المسابح المفتوحة و"مهرجانًا مائيًا" على الطريقة المحلية. 

لكن المفارقة العجيبة في المشهد أن المهرجان هذه المرة لا تنظمه وزارة الثقافة أو السياحة، بل تنظيم مشترك بين الأمطار والبنية التحتية "الصلبة" على الورق، والهشة في الواقع.

مع أولى قطرات الغيث، ودون سابق إنذار، تخلت قنوات الصرف الصحي عن مهامها، وكأنها في إضراب مفتوح احتجاجًا على "الضغط" الذي يُمارَس عليها من مياه الأمطار التي تجرأت على النزول بغزارة غير متوقعة في الشتاء!

وعوض أن تصرف المياه كما يجب، باتت القنوات تتصرف مثل موظفين في إضراب معلن؛ لا تشتغل إلا بالحد الأدنى، تاركةً المياه تتدفق بحرية "لتنظف" الأرصفة وتُحوّل الطرقات إلى بركٍ عملاقةٍ تشبه "شوربة الحريرة" المغربية الشهيرة، والفرق الوحيد أنها لا تصلح للأكل!

مع استمرار الأمطار، خرجت السيارات والمركبات من الخدمة، ليحل مكانها زورق صغير (كاياك)، في مشهد سريالي لم يكن ليخطر على بال الساكنة.

 أصبح مشهد مواطن "تائه" يبحث عن طريق آمنة، وهو يرتدي لباسًا بلاستيكيًا يُشبه لباس رواد الفضاء، مشهدًا معتادًا وسط مدينة من المفترض أنها عصرية.

ومن سخرية القدر أن الطرق ، التي كلفت خزينة الدولة الملايين، قررت فجأة أن تصبح أحواضًا لتربية الأسماك، ربما لتؤكد أنها مشاريع متعددة الوظائف، ولعلها محاولة مبتكرة من المسؤولين لتشجيع "الاقتصاد الأزرق"!

المضحك المبكي في هذا الوضع، أنه بينما يغرق المواطن في معاناته، يختفي المسؤولون المحليون في ظروف غامضة، ربما لأنهم لا يجدون طريقًا جافة يصلون من خلالها إلى المواطنين المتضررين. 

وفي أحسن الحالات، يظهر مسؤول مبتسم أمام الكاميرا، ليخبرنا أن الوضع "تحت السيطرة"، قبل أن ينسحب سريعًا خوفًا من بلل المطر، أو ربما من أسئلة المواطنين.

ولن نستغرب إذا ظهر علينا غدًا مسؤول محلي يُلقي باللوم على الأمطار نفسها، باعتبارها "غير منضبطة"، ولا تلتزم بالتوقعات التي رسمها لها "تقرير لجنة اليقظة" الذي تم إعداده في الصيف على شاطئ البحر!

وكالعادة، بعد كل أزمة، تتكرر الأسئلة الساخرة والغاضبة من طرف المواطنين المغلوب على أمرهم:

من المسؤول عن هذه "الفضيحة"؟

أين ذهبت أموال الصفقات العمومية؟

لكن يبدو أن المحاسبة لا تزال غائبة أو مؤجلة، تمامًا كما تؤجَّل مشاريع الصيانة من سنة إلى أخرى. 

وفي انتظار أن يستيقظ والضمير السياسي يومًا ما، سيبقى المواطن المغربي ينتظر بفارغ الصبر أن تصبح الأمطار مجرد فرصة للفرح، وليس  مناسبة لإعادة تمثيل فيلم "تيتانيك" في شوارع مدن المملكة.

 تحية للضمير الغائب!"

نقول للمسؤولين الغائبين عن الميدان: شكرًا لأنكم جعلتمونا نعيش هذه المغامرات الممتعة مجانًا، فبفضلكم أصبحنا خبراء في السباحة والتجديف والتهكم السياسي. 

وبانتظار المحاسبة التي قد لا تأتي، سيبقى المواطن المغربي مبتسمًا رغم أنفه، لأنه يدرك جيدًا أن البنية التحتية في بلادنا تبقى "سالكة" فقط في الخطب السياسية وفي النشرات الإخبارية.

في انتظار زخة المطر القادمة.. نتمناها أقل إحراجًا لمسؤولينا وأقل "تجديفًا" لمواطنينا!

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك