أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
في خطوة قد تثير العديد من التساؤلات، احتلت الجزائر المرتبة الرابعة عربيًا في قائمة الدول الأكثر تصديرًا لإسرائيل، بعد كل من الإمارات والأردن ومصر، وفقًا لتقرير حديث يرصد العلاقات التجارية في المنطقة.
يأتي هذا التصنيف، وسط تناقض واضح بين الخطاب السياسي الرسمي الجزائري "الرافض" لأي تطبيع مع إسرائيل، والواقع الاقتصادي الذي يبرز حجم المبادلات التجارية بين الطرفين.
حجم الصادرات الجزائرية نحو إسرائيل بالأرقام
بحسب بيانات التجارة الخارجية لسنة 2024، بلغت قيمة الصادرات الجزائرية إلى إسرائيل ما يقارب 54 مليون دولار، مما يضع الجزائر في المرتبة الرابعة عربيًا من حيث التبادل التجاري مع تل أبيب.
وعلى الرغم من أن هذه الأرقام تظل أقل من مستويات التبادل التجاري بين إسرائيل ودول عربية أخرى مثل الإمارات التي تتصدر القائمة بـ 1.2 مليار دولار، إلا أنها تعكس تطورًا غير متوقع في العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وإسرائيل.
طبيعة الصادرات الجزائرية نحو إسرائيل
تشير الإحصائيات إلى أن الصادرات الجزائرية نحو إسرائيل تشمل أساسًا المنتجات الأولية مثل المواد الخام والمعادن والمنتجات الكيميائية، بالإضافة إلى بعض المنتجات الفلاحية التي تدخل في الصناعات الغذائية الإسرائيلية.
كما يُعتقد أن بعض هذه الصادرات، تتم عبر دول وسيطة، مما يعقّد تتبع مسارات التبادل التجاري المباشر بين البلدين.
موقف الجزائر الرسمي من إسرائيل والتناقض الاقتصادي
لطالما تبنّت الجزائر موقفًا سياسيًا واضحًا، يعارض أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل، بل إنها تُعدّ من أبرز الدول العربية التي لا تربطها علاقات دبلوماسية أو تجارية رسمية مع تل أبيب.
غير أن المعطيات الاقتصادية الأخيرة، تكشف عن وجود قنوات تجارية غير مباشرة تسهّل تدفق السلع الجزائرية إلى السوق الإسرائيلية.
هذا التناقض، يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الجزائر على فرض رقابة صارمة على مسار صادراتها، خاصة في ظل اقتصاد عالمي معقد تشوبه عمليات إعادة تصدير عبر دول وسيطة.
العوامل الاقتصادية المؤثرة في هذا التبادل
يرى بعض الخبراء، أن توسّع الجزائر في تصدير موادها الأولية يعود إلى الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل، خصوصًا في ظل التقلبات المستمرة في أسعار المحروقات، المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد. كما أن الاقتصاد الجزائري يعتمد بشكل أساسي على تصدير المنتجات الخام، والتي يمكن أن تجد طريقها إلى أسواق غير متوقعة عبر شبكات التجارة الدولية.
مقارنة بالاقتصادات العربية الأخرى
فيما تحتل الإمارات، المرتبة الأولى في قائمة الدول العربية الأكثر تصديرًا لإسرائيل، حيث بلغت قيمة صادراتها حوالي 1.2 مليار دولار، فإن مصر تأتي في المرتبة الثالثة بحوالي 187 مليون دولار، بينما احتلت الأردن المركز الثاني بصادرات بلغت 312 مليون دولار.
هذه الأرقام تعكس طبيعة العلاقات التجارية التي تربط هذه الدول بإسرائيل، حيث تلعب اتفاقيات السلام والتعاون الاقتصادي دورًا كبيرًا في تعزيز المبادلات التجارية المباشرة.
ردود الفعل الداخلية والتداعيات السياسية
أثار الكشف عن هذه المعطيات الاقتصادية جدلًا واسعًا داخل الجزائر، حيث اعتبر العديد من المحللين أن هذه الأرقام قد تُستخدم كأداة ضغط سياسي من قبل المعارضة لإحراج الحكومة.
في المقابل، تسعى السلطات الجزائرية إلى التقليل من أهمية هذه الأرقام، مشيرة إلى أن جزءًا كبيرًا من الصادرات قد يكون قد تم عبر أطراف ثالثة، دون وجود تعامل مباشر مع إسرائيل.
مستقبل العلاقات الاقتصادية الجزائرية الإسرائيلية
رغم أن الجزائر لا تعترف رسميًا بإسرائيل ولا تربطها بها أي علاقات دبلوماسية، فإن هذه المعطيات تفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى إمكانية استمرار هذا التبادل التجاري غير المباشر في المستقبل. هل ستتخذ الجزائر إجراءات أكثر صرامة للحد من تدفق منتجاتها إلى السوق الإسرائيلية؟ أم أن العوامل الاقتصادية ستظل تفرض منطقها على السياسات الرسمية؟ يبقى هذا السؤال مفتوحًا، في انتظار تطورات جديدة على الساحة السياسية والاقتصادية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك