أنتلجنسيا المغرب:ي.اروين
تشهد الساحة الاجتماعية المغربية تصعيدًا غير مسبوق، مع إعلان الاتحاد المغربي للشغل، أكبر مركزية نقابية في البلاد، خوض إضراب عام وطني يومي الأربعاء والخميس 5 و6 فبراير 2025، ليكون بذلك أحدث حلقة في مسلسل الغضب النقابي ضد حكومة عزيز أخنوش.
ويأتي هذا الإضراب بعد خطوات احتجاجية مماثلة لكل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، اللتان أعلنتا عن إضراب عام يوم الأربعاء المقبل 05 فبراير الجاري، في مؤشر واضح على احتقان اجتماعي واسع، بسبب ما تعتبره النقابات فشلًا ذريعًا للحكومة في الوفاء بتعهداتها والتعامل مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة.
تراكم الغضب النقابي وانعدام الثقة في الحكومة
لم يكن إعلان الاتحاد المغربي للشغل عن إضرابه الوطني مفاجئًا، بل جاء كنتيجة طبيعية لتراكم السخط النقابي على سياسات الحكومة الحالية.
فمنذ توليها المسؤولية، وعدت حكومة أخنوش بإطلاق حوار اجتماعي حقيقي يستجيب لمطالب الطبقة العاملة ويحسّن أوضاعها المعيشية،
إلا أن الواقع أظهر العكس، حيث استمر تجاهل المطالب الملحة للعمال والموظفين، وازدادت الأوضاع تدهورًا بفعل موجات الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة.
وبحسب مصادر نقابية، فإن الإضراب ليس مجرد تحرك احتجاجي عابر، بل هو رسالة سياسية قوية تعكس انعدام الثقة في قدرة الحكومة على معالجة الأزمات الاجتماعية، خاصة في ظل استمرار ارتفاع الأسعار، وتجميد الأجور، وعدم تنفيذ التزامات الحوار الاجتماعي.
الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار: الضربة القاضية للحكومة
يعيش المغرب على وقع أزمة اقتصادية خانقة، حيث شهدت أسعار المواد الأساسية والمحروقات ارتفاعًا غير مسبوق، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصًا الفئات الهشة والمتوسطة.
ورغم أن حكومة أخنوش رفعت شعارات دعم القدرة الشرائية ومحاربة المضاربة، إلا أن الأوضاع لم تتغير، بل تفاقمت بشكل غير مسبوق، ما جعل النقابات تعتبر أن الحكومة مسؤولة مباشرة عن هذا الوضع، بسبب سياساتها الاقتصادية الفاشلة وعدم قدرتها على ضبط السوق.
وفي ظل هذه الظروف، يرى مراقبون أن الإضرابات النقابية ستكون بمثابة اختبار حقيقي لحكومة أخنوش، حيث من المتوقع أن تزداد حدة الاحتقان إذا لم تبادر الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عملية وفورية لاحتواء الأزمة.
الحوار الاجتماعي في مهب الريح
كان الحوار الاجتماعي أحد أبرز الوعود التي قدمتها حكومة أخنوش للنقابات، لكن سرعان ما تبين أن هذا الحوار لا يعدو كونه مجرد واجهة للتسويق السياسي، حيث لم تتمخض عنه أي قرارات جوهرية تحسن وضعية الشغيلة المغربية.
ففي الوقت الذي كانت تنتظر فيه النقابات تنفيذ اتفاقات سابقة، وجدت نفسها أمام تملص حكومي من الالتزامات، ما دفعها إلى تبني خيارات تصعيدية، وصلت إلى حد الدعوة لإضرابات عامة تشلّ مختلف القطاعات الحيوية في البلاد.
ويرى محللون أن استمرار تدهور العلاقة بين الحكومة والنقابات قد يؤدي إلى فقدان أي أمل في التوصل إلى حلول توافقية، ما ينذر بمزيد من التوترات الاجتماعية، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية التي قد تستغلها بعض الأطراف السياسية لتأجيج الغضب الشعبي ضد الحكومة.
هل أصبح رحيل حكومة أخنوش مطلبًا شعبيًا؟
في ظل هذه الأوضاع، بدأت بعض الأصوات ترتفع مطالبة برحيل حكومة أخنوش، معتبرة أنها فشلت في تلبية تطلعات المواطنين وأصبحت جزءًا من الأزمة بدل أن تكون جزءًا من الحل.
ورغم أن الحكومة تحاول التقليل من شأن هذه الاحتجاجات، إلا أن اتساع رقعة الغضب النقابي والشعبي يجعلها في وضع صعب، حيث أصبحت شرعيتها على المحك، خاصة إذا استمر التصعيد ولم تستطع احتواء الأوضاع.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
أمام هذا التصعيد، لا يبدو أن الحكومة تملك الكثير من الخيارات، فإما أن تبادر إلى فتح حوار جاد مع النقابات والاستجابة لمطالبها، وإما أن تواجه موجة احتجاجات أوسع قد تهدد استقرارها السياسي وتسرّع من سقوطها.
وفي ظل غياب أي مؤشرات على انفراج قريب، فإن المغرب قد يكون على موعد مع مرحلة صعبة، قد تعيد خلط الأوراق السياسية، وتفتح المجال أمام تغيرات غير متوقعة في المشهد الحكومي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك